ادريس لشكر: قررت أن أتوجه مباشرة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وطلبت لقاءه وذهبت إليه في مكان إقامته، يوم الجمعة الماضي، أي فاتح ماي، على الساعة الرابعة زوالا، واستجاب مشكورا، وتداولنا في الأمر وأعطاني التوضيحات الكافية. وتبين أن هذا النص ليس لبنعبد القادر، وإنما هو نص حكومي.
في هذا الحوار الذي خص به “اخبار اليوم” يكشف إدريس لشكر عن موقفه من مشروع قانون استعمال مواقع التواصل ويكشف عما دار في اللقاء مع رئيس الحكومة..
هل يشكل تأجيل مشروع قانون استعمال مواقع التواصل الاجتماعي المثير للجدل، حلا مناسبا لكم في الاتحاد الاشتراكي، في مواجهة الضجة التي أثيرت؟
هذا الموضوع لا يتعلق بحزب الاتحاد الاشتراكي، بل يتعلق بعمل الحكومة.
أقصد مسألة تدبير الحزب لهذه القضية، خاصة أن وزير العدل الذي أعد المشروع محسوب عليكم؟
لم نطلع على القانون، ثم إنه من الطبيعي جدا ألا نطلع عليه، لأن هذا الأمر يهم الدولة والحكومة، ووزير العدل ليس وزير الاتحاد، إنما هو وزير الوطن برمته في الحكومة، وفي بعض الدول، فإنه بعد تعيين الشخص في المسؤولية الحكومية، يجمد نشاطه الحزبي، لأنه تصبح له مسؤولية الوطن. ولهذا عندما أقول إننا لم نطلع عليه، فإنني لا أقول ذلك من موقع احتجاجي.
لكنه مشروع أثار جدلا بسبب مسه بالحريات وكان يمكن لوزير العدل أن يطلعكم في المكتب السياسي على هذا الجانب؟
مرجعية الحزب واضحة، وهي محددة للوزير وللبرلماني وللمنتخب الجماعي وللنقابي وغيره. فالمرجعية الحقوقية، أساسية، وإذا لم تؤهل المرجعية الحقوقية كل مناضل في معرفة ما يطرحه وما لا يطرحه، فهذا فيه إشكال. لكن أنا أتحدث هنا من منطلق أننا حزب لنا مرجعية، وهو ما عبرنا عنه، وهي التي ستكون الحكم في الموقف من هذا النص.
نحن سنتعامل مؤسساتيا مع هذا النص، لأنه لا يمكن لهذا النص أن يصدر إذا لم تجئ به الحكومة، أي إن جميع الوزراء مسؤولون عنه بانتماءاتهم الحزبية كلها. ويوم يصادق عليه البرلمان، ستكون جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان التي صوتت عليه مسؤولة عنه. إذن، لا داعي للقول “طاحت الصمعة علقوا الحجام”. اليوم رجعنا لنقطة البداية، بتأجيل المشروع، والحكومة من حقها أن تفكر في هذا التشريع، ولا أحد يصادر رأيها. من حسن الحظ أن النقاش المجتمعي الذي أثير حول النص سيجعل عندها محددات وتوجهات مطروحة من طرف الرأي العام.
ما رأيكم في هذا المشروع الذي أثار جدلا؟
حسب ما اطلعت عليه من وسائل الإعلام، فإن هذا النص يستجيب لحاجات مجتمعية حقيقية. هناك مجموعة من المنصات مجهولة الهوية، تنشط في مجال جلب الأطفال للبِغاء، والاتجار في البشر، وكيفية صنع المتفجرات. كما ينتشر السب والقذف في مواقع التواصل، وهي قضايا تستوجب التصدي لها.
لكن هناك نقطا أثارت جدلا تتعلق بتجريم ما سمي بالتحريض على مقاطعة السلع والتشكيك في جودتها والتحريض على سحب الأموال من الأبناك؟
هذا صحيح، لكن النص حسبما قرأت يتضمن نحو 25 مادة. والنقاش يدور فقط، حول ثلاث مواد. وأنا شخصيا بحثت في القانون المقارن، الفرنسي والألماني. وعندما سيفتح النقاش العمومي سنطرح كيف تعاملت هذه الديمقراطيات المتقدمة مع هذه القضايا.
هل نفهم من ذلك أنه يمكن تجريم الدعوة إلى المقاطعة، مثلا؟
المقاطعة المؤسسة على مرجعية دينية إيديولوجية، أو تستند على الكراهية والعنصرية تعاقب عليها القوانين في الديمقراطيات المتقدمة. إذا كان النص يعتمد مثل هذه الصيغة فلا مشكلة، أما إذا كان النص يضر بحرية كل مواطن في أن يعبر بوضوح، فهو مرفوض، شريطة ألا يشتغل هذا الشخص لمصالح لوبيات. ففي هذا الميدان نعرف أنه يمكن للوبي أن يسخر مواقع التواصل لهدم خصمه.
إذن، نحن في الاتحاد ضد كل محاولة للمس بحرية المواطن في اتخاذ ما يراه مناسبا والدعوة لما هو مؤمن به عن وعي وبمسؤولية.
بعض الاتحاديين يطالبون باستقالة بنعبدالقادر، لأنه مس بصورة الحزب، وتخلى عن مرجعية الحزب، ويعتبرون أن تأجيل المشروع غير كاف. ما رأيك؟
لدينا الحرية التامة في التنظيم الاتحادي، وهو ما يجعلنا ننصت إلى الجميع. فكل واحد يعبر عن قناعاته وتحليله، ومما لا شك فيه أن مؤسسات الحزب ليست موجودة سوى للاستماع إلى الرأي والرأي الآخر وتترتب الآثار التي يجب أن ترتب. لذلك لا يمكن أن نصادر رأي أي اتحادي في التعبير عن رأيه، لكن يجب أن نتواضع ونعرف أن الاتحاديين هم عشرات الآلاف عبر تراب المغرب. هناك اتحاديون يقولون كلاما، وآخرون يقولون كلاما آخر. وحتى في إعلام الحزب حرصنا على أن ننشر الآراء كلها، وربما لاحظتم ذلك.
لماذا لم نسمع أي صوت داخل الاتحاد يقف إلى جانب بنعبدالقادر في هذه القضية؟
ولماذا يجب أن يكون هناك موقف يقف أو لا يقف في هذه القضية.
أقصد أن الحزب لم يعبر عن موقف سياسي يدعم وزيره في الحكومة؟
لكن هذا القرار حكومي، وليس قرارا لمحمد بنعبدالقادر.
لكن حزبكم هو الذي تحمل وزر هذا النص، وتعرض لحملة انتقادات شديدة؟
فعلا، ولهذا قررت أن أتوجه مباشرة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وطلبت لقاءه وذهبت إليه في مكان إقامته، يوم الجمعة الماضي، أي فاتح ماي، على الساعة الرابعة زوالا، واستجاب مشكورا، وتداولنا في الأمر وأعطاني التوضيحات الكافية. وتبين أن هذا النص ليس لبنعبدالقادر، وإنما هو نص حكومي.
هل كان هدف اللقاء فقط، طلب توضيحات أم هناك أمور أخرى تداولتم فيها؟
لقد توجهت بصفتي طرفا في الأغلبية إلى السيد العثماني بصفته رئيس الأغلبية ورئيس الحكومة، في شأن عدد من المواضيع، أولها، حول تطور الحالة الوبائية في المغرب، وثانيها، توجهت إليه بخصوص الحملة التي تعرضنا لها، والتي لم تكن منصفة، وبلّغته قلق الحزب.
هل تقصد أنكم اشتكيتم من حملة يقودها نشطاء البيجيدي ضد الاتحاد؟
لا، أنا مسؤول فيما أقول، لا أريد أن أتحدث عمن يقوم بالحملة. هناك علاقات موضوعية تقتضي الاحترام.
هل تداولتم في اللقاء في موضوع تأجيل نص مشروع القانون؟
لا. هذا شأن حكومي، يتداول فيه الوزراء مع رئيس الحكومة، وليس من حقي أن أتوجه لرئيس الأغلبية باعتباره رئيس الحكومة، بشأن اختصاصاته وصلاحياته التي يمنحها له الدستور.
هل أنت راض عن تدبير بنعبدالقادر لهذا الملف؟
هذا سؤال يتعلق بالعواطف.. وأنا أرد بأنه لا تعليق لدي. فأنا كاتب أول، واستمع لكل الآراء المطروحة داخل الحزب. هناك من هو راض، وهناك من ليس راض عنه.
متى ستعقد اجتماع المكتب السياسي؟ فأنتم الحزب الوحيد في الأغلبية الذي لم يجمع قيادته ولم يصدر بيانا بهذا الشأن؟
مكتبنا السياسي في حالة انعقاد دائم، ونتواصل صباحا ومساء، وتقنيات التواصل الحديثة تسهل الأمور ولا حاجة إلى إصدار بلاغ، بعدما أصدرت أحزاب الأغلبية بلاغات، ومنها العدالة والتنمية.
تعليقات الزوار ( 0 )