«يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي».
لله أكبر
لله أكبر
لله أكبر
بألم عميق وحسرة فاجعة، وبقلوب مؤمنة بقضاء لله وقدره، ينعي المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الفنانة الكبيرة ثريا جبران قريطيف، التي لبت نداء ربها، أول أمس الاثنين بالدار البيضاء.
وبرحيل القامة الفنية والثقافية العالية للفنانة ثريا، يفقد المغرب والمغاربة عموما، وأهل الثقافة والفنون على وجه الخصوص، أحد ألمع الأسماء المغربية في سماء الثقافة والعطاء الإبداعي، ويفقد الاتحاديات والاتحاديون أختا ورفيقة واسما ساطعا في سماء الوطن، تسامقت في مجالات الفن المسرحي، والعمل السينمائي، وطنيا وعربيا.
والمتمعن في سيرة الفنانة القديرة، سيجد ولا شك نموذج المرأة المغربية، التي تحررت بالفن والثقافة وحررتهما، ويجد مثالا للانتماء الواعي والفرح للإبداع المسرحي الحر والحداثي، ويجد أيضا، مزيج الرفعة الإنسانية، والتملك الفني، والاستحقاق الإبداعي، مزيج مغربي قح، جسدته الراحلة بإباء وصبر ومعاندة قل نظيرها، وسيسجل لها التاريخ عطاءاتها في المسرح، كما في السينما والتلفزيون.
لقد دخلت الفقيدة غمار الفن المسرحي منذ نعومة أظافرها، وظلت منذ السبعينيات من القرن الماضي تشعل الساحات والمسارح والمنصات، بما أبدعته من عطاء مسرحي، عانق كل انشغالات وهموم الوطن والأمة…
رفعت صوتها ضد الظلم والبهتان وأدت ثمنا لذلك لم ينل من عزيمتها وإصرارها، كمناضلة فنية، وثقافية تنتمي بلا مواربة إلى الجانب المشرق من ثقافتنا وإلى القوى المناضلة من أجل الانعتاق والتحرر وتسييد أخلاق الحرية وقيم التقدم.
إن سيرة الفنانة ثريا جبران، هي سيرة سيدة فريدة، في سلوكها اليومي وفي وفائها المطلق لشرط الإنسان في الوجود، فنيا واجتماعيا.
وقد كرمها جلالة الملك محمد السادس ومن ورائها مجموع الفنانات والفنانين لما تم تعيينها وزيرة للثقافة في سنة 2007، لتكون بذلك أول وزيرة فنانة في تاريخ المغرب الحديث.
لم تقدم الفنانة ثريا أعمالا يمكن نسيانها، بل تركت ما سيظل خالدا ويزيد من ثراء المغرب الثقافي، ويرفع من قيمة الرأسمال الرمزي لبلادنا.
في مسرحياتها العديدة والمتميزة، في صولاتها على الخشبة، وفي أدوارها المتنوعة والفردية، في كل ما كانت تمسه روحها الطاهرة، يتحول العيش المادي واللامادي إلى كنز وطني، ويتحول الفن إلى إقامة شيقة فوق الأرض وبين حدود البلاد وخارجها.
سيفقد الفنانون والفنانات العرب، رفيقة نادرة، وشخصية فذة، وسيفقدون سيدة رفعت عاليا راية الإبداع والفن، والمشترك الإنساني العميق بين شعوب أنهكتها الضحالة والتعفن بسبب التسليع والتشييء اللذين عادتهما ثريا الشامخة وحاربتهما، في الحياة وفي الفن.
سيذكر لها أهل المسرح وجمهوره صيحاتها النابعة من الهشاشة الإنسانية في وجه الظلم والطغيان، وسيذكرون صوتها وهي تخلد مآسي وأفراح الشعوب المناضلة، وسيذكرون لها اشتباكاتها الفنية الرهيفة وهي تؤدي أدوارا صنعت لها، كما في امرأة غاضبة أو الجنرال، وسيذكر لها المسرح العربي، ما قدمته في حكايات بلا حدود، وعلو كعبها في الأداء والتشخيص…
عزاؤنا واحد في الفقيدة، وتعازينا الحارة إلى ابنتيها عائشة وسارة، وإلى زوجها المناضل والكاتب والمخرج الرفيع الأخ عبد الواحد عزري، وإلى كل الاتحاديات والاتحاديين، وإلى جميع أهلها وأقاربها، عزاؤنا لأهل الفن، مسرحا وسينما وكتابة وسينوغرافيا وإخراجا، من الذين فقدوا ركنا عتيا من أركان ثقافتنا المغربية، ونسأل لله أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يسكن الفقيدة فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وإنا لله وإنا إليه راجعون

 

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

تشييع جنازة المناضل والإعلامي الكبير جمال براوي في موكب مهيب

الكاتب الأول يقدم التعازي لجلالة الملك، أصالة عن نفسه ونيابة عن الاتحاديات والاتحاديين

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023