في حوار أجرته جريدة «أخر ساعة» مع الكاتب الأول إدريس لشكر، في حلقتين بعددي 2 و3 مارس -2016 تحدث فيه الكاتب الأول عن قضايا أثارت الجدل في الساحة السياسية، في الفترة الأخيرة، في مقدمتها المذكرة التي أصدرها الحزب في أفق الاستحقاقات القادمة ،والموقف من الإضراب العام الذي خاضته النقابات في 24 فبراير الماضي، وتحالفات الحزب المستقبلية، والموقف من الاتهامات التي راجت على خلفية مطالبة الحزب بالمساواة في الإرث وبتجريم تعدد الزوجات- قال الكاتب الأول مجيبا عن مختلف هذه القضايا، أن تحالفات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حددها مسبقا مؤتمر الحزب، كما حددها اجتماع اللجنة الإدارية والمجلس الوطني الأخير، مضيفا أن الاتحاد ليس حزبا يرقص على أي إيقاع من منطلق هام وأساسي، يكمن في أموره المضبوطة. وما يهم اليوم هو تحصين المغرب بالقواعد والآليات كي ينعم البلد بالديمقراطية الحقيقية والشفافة. معتبرا أن ما تم مع أحزاب المعارضة هو تنسيق وليس تحالفا، سيحرص الاتحاد الاشتراكي من خلاله على ضمان مؤسسات تمثيلية حقيقية لبلادنا. مشيرا أن تحالفات الحزب يحددها التجاوب مع مطالبه التي رفعها من خلال مذكرة إلى رئيس الحكومة وباقي الأحزاب الوطنية، مضيفا أن أي تحالف مستقبلي سيحدده برنامج هذا الحزب أو ذاك ، وتحدث الكاتب الأول للصحيفة المذكورة بثقة وإيمان، عن دور الاتحاد الاشتراكي في المجتمع وبمشروعه في بناء المغرب ديمقراطيا وتنمويا قائلا «حزب الاتحاد الاشتراكي هو من سيحتل الرتبة الأولى إن شاء الله».
مضيفا أن الأمر مرتبط بنزاهة الانتخابات من عدمها، مستحضرا في هذا الصدد الاختلالات التي شابت الانتخابات السابقة والمذيلة ببيان مشترك صادر عن جميع أحزاب المعارضة وليس عن حزب الاتحاد الاشتراكي وحده، كما أنه صادر عن الأغلبية بما فيها الحزب الذي يقود الحكومة (العدالة والتنمية)، الذي أعلن صراحة عن تشكيكه في نزاهتها رغم أنه هو المشرف على الانتخابات.، بل» هناك من داخل الائتلاف الحكومي من صرح بأن العملية فاسدة بنسبة 70 في المائة، كما جاء على لسان الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله. وهذا إذن يُحسب لحزب الاتحاد الاشتراكي ولا يُحسب ضده حين شكك في ذلك منذ البداية. أما ما سيضمن لنا نزاهة الانتخابات المقبلة، فالاتحاد الاشتراكي منذ تأسيسه عام 1959، يخوض المعارك الانتخابية دون أن يكون مطمئنا. لكنه حريص ،بالفعل النضالي المتواصل، على تطوير العملية الانتخابية نحو الأحسن. ومما لا شك فيه أن العملية الانتخابية الأخيرة أجود مما سبقها، وأن كل محطة انتخابية تؤدي إلى التجويد، لكن الأهداف التي يسعى إليها خلال المحطة الأخيرة، لم نصل إليها، وهو ما جعلنا نعقد مؤخرا لقاء تنسيقيا مع حزب «الجرار»، لتجويدها وتطويرها، باعتبار أن ذلك سيكون مكسبا حقيقيا بالنسبة إلينا. «
وفي موضوع الإضرابات قال الكاتب الأول «أن المغرب هو البلد الوحيد الذي أعلن عن إضراب عام، ورئيس حكومته لم يبادر إلى أي تدخل في شأنه من أجل تهدئة الوضع. علما أنه كان من المفروض ليلة الإضراب، أن يوجه الدعوى للفاعلين السياسيين وممثلي الأمة بمن فيها النقابات إلى دورة استثنائية للبرلمان للتداول ومناقشة هذا الأمر، على غرار ما يحدث في الدول الأخرى، لكن الحكومة لا هي دعت إلى دورة استثنائية، ولا هي فكرت في الجلوس على طاولة الحوار للتفاوض مع المركزيات النقابية لحثها على التراجع عن قرارها، مردفا ،أنه من الصعب جدا أن يتم التعامل مع الوضع بهذا الأسلوب، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الحكومة الحالية كعادتها لا تتحمل مسؤوليتها في القضايا الأساسية للبلاد، ولذلك نحن في لقائنا الأخير مع قادة حزب «الجرار»، ناقشنا بالفعل هذا الموضوع، وقررنا أن نعلن أولا، تضامننا مع المركزيات النقابية، وهو ما جاء في البلاغ الذي يلخص كل هذه المداولات التي يمكنكم الاطلاع عليها».
وفي هذا المنحى أكد الكاتب الأول للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «أن المجال الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي اليومي للمواطنين، سواء الأجراء، أو الفئات المتوسطة، أو العاملين بالقطاع العام أو الخاص يعيش وضعا مترديا. برغم الظروف الملائمة والنتائج الفلاحية الجيدة التي عرفها المغرب خلال الأربع سنوات الأخيرة، إذ كانت الآثار وخيمة على هذه الفئات وعلى الشعب المغربي برمته،ولذلك فكل المشاريع لم تكن الحكومة تستهدف من خلالها ،للأسف، تحسين أوضاع المواطنين، بقدر ما كانت تستهدف ( شحال غاتاخذ منو)، سواء فيما يتعلق بقضية معالجة صندوق المقاصة، أو صندوق التقاعد. لذلك، ولكي لا يُعتبر جوابنا تحاملا على الموضوع، أنا أعتقد أن الرأي العام أجاب عن السؤال من خلال احتجاجات الأساتذة المتدربين والأطباء والدكاترة العاطلين..إلخ، والتي عبر من خلالها عن مواقفه المعارضة لقرارات الحكومة، ويبقى الإضراب الوطني الأخير تعبيرا حقيقيا عن سوء الأحوال والأوضاع ببلدنا في وقتنا الرهان.»
وفي موضوع التركيز على جملة عابرة في المذكرة بدل قراءتها في شموليتها، أشار الكاتب الأول إلى خطورة هذا المنحى في تضليل الرأي العام، مؤكدا أن «الاتحاد الاشتراكي حين طالب في بداية الأمر برفع العتبة، كان هدفنا من ورائها محاربة البلقنة، لكن حين عجزت العتبة عن تحقيق هذا الهدف، قررنا التراجع عنها والمطالبة بحذفها. والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قام بمراجعة هذا الموضوع بالأرقام، فثبت له أنه بسبب تلك العتبة ضيع تقريبا 10 مقاعد في انتخابات 2011، كما اكتشف أنها لم تكن منصفة بالمرة. فحين يكون المعامل الانتخابي مرتفعا، لا يكون بإمكاننا الحصول على مقعد واحد رغم ما نحصده من أصوات تتراوح ما بين 7 آلاف إلى 8 آلاف صوت. بينما يحصل الحزب الذي يتوفرعلى 9 آلاف صوت على مقعدين لأنه يكون قد وصل إلى العتبة بـ8 آلاف صوت، وما فاض على ذلك بـ 1000 صوت يفوز من خلاله بمقعد آخر، بينما نُحرم منه نحن حزب الاتحاد الاشتراكي، وهي عملية كما أشرت، أثبتت أنها ليست مشروعة ولا تحترم التمثيلية الحقيقية. وقد قمنا بوضع مقارنة مع الدول الديمقراطية الأخرى، فوجدناها لا تشتغل بنظام العتبة، وحتى لو توفر هذا النظام داخل البلدان الأخرى كألمانيا مثلا، فأنه يكون بنسبة منخفضة. ومؤخرا، اعترفت المحكمة الأوروبية بأن العتبة ليست منصفة من حيث عرقلتها لسير الديمقراطية إلى أقصى حد. ومن خلال هذا التحليل، تبين لنا أن العتبة بالمغرب تُقصي حلفاءنا في اليسار وتُلغيهم. «
وفي موضوع رسالة هيلاري كلينتون ،واحتجاج الحزب على هذا التدخل في الشأن الداخلي لبلادنا، قال الكاتب الأول أنه «دفاعا عن استقلالية وطننا وسيادته، نقول لأي متدخل من الخارج «ماشي شغلك»، فيما يهم قضايانا الداخلية. صحيح أن كل المواقع الإعلامية والصحف نسبت لهيلاري كلينتون هذا التصريح، وأنا كنت وما زلت أعتبره تدخلا في الشؤون الداخلية لبلدنا المغرب، فهل يمكنني مثلا أن أفتي على الرأي العام الأمريكي بصلاحها كمرشحة للمنافسة على الرئاسة؟ لذا مازلت أؤكد أن المعني الأول بالإعلان عن موقفه من هذا التدخل هو بنكيران، وهو مطالب الآن بتوضيح موقفه أمام الرأي العام «ماشي» هيلاري كلينتون. وأنا إلى يومنا هذا ما زلت أنتظر جوابه».
وفي جانب الشأن الديني وما تعرض له الحزب في شخص قيادته من تعريض مس الحق في الحياة قال الكاتب الأول أن «الله تعالى لم يجعل له نوابا على الأرض لينوبوا عنه في هذا الشأن، وإسلامنا ميزته أنه لم يضع وسيطا بين العبد والخالق، ولذلك هذا الذي تحدثني عنه-قاصدا أبو النعيم-، أتركه لله تعالى ولن أقول غير ذلك.. هذا رجل اختار أن يمسني في ديني وفي ذمتي، وأمثال هذا الشخص تسببوا في كوارث للشعوب، الجميع يفتي والجميع يكفّر مع أن مصدرنا الوحيد في الشريعة هو القرآن والصحيح في السنة، ما عدا ذلك فالدعوة للاجتهاد، بهدوء وانفتاح على الأفكار، لا يجب أن تُعتبر تكفيرا أو خروجا عن الدين. لذلك فالشاذ كما قلت لا حكم له، وأنه بدلا من ذلك علينا التوجه إلى ما أجمعت عليه الأمة المغربية لتطوير بلدنا والدفع به نحو الانفتاح.»
تعليقات الزوار ( 0 )