قدم رئيس اللجنة الإدارية للحزبالاخ الحبيب المالكي عرضا في اليوم الدراسي، والذي اعتبره كل من تابع اللقاء، أنه يشكل مرجعا يعتد به لفهم ماجرى ويجري، خاصة وأنه تحليل المتمرس في الحقل السياسي، بحيث لامس مختلف الجوانب المتعلقة، ليس بالبيت الداخلي للحزب فقط ، ولكن بالدرجة الأولى، الجوانب المرتبطة بالوضع السياسي للمغرب ، والذي يفرض علينا التعامل معه بغير قليل من الاهتمام .
الحبيب المالكي اعتبر أن دراسة تحليلية معمقة للوضع الحالي للمغرب، تجعلنا نخرج بخلاصات ،وإن نازعنا من يدبرون الشأن العام في صحتها، إلا أن التقارير التي تنشر بين الحين والآخر، تؤكد صحة ما قلناه سلفا.
فالقانون المالي، يقول رئيس اللجنة الإدارية للحزب، أصبح، بحكم التطورات الاقتصادية الأخيرة، متجاوزا يستوجب التعديل، والسنة الحالية ستكون سنة بيضاء، بالنظر لمجموعة من المؤشرات التي تؤكدها دراسات بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط والمراكز الاقتصادية الخاصة، حيث تم الإجماع على أن نسبة النمو لن تتجاوز، في أحسن الأحوال، واحدا في المائة ، وستكون بالضبط مابين صفر وواحد في المائة، مما يؤكد أن السنة الجارية ستكون سنة صعبة.
وأضاف الحبيب المالكي في كلمته، أن النمو الاقتصادي ببلادنا له ارتباط بالسماء أكثر من ارتباطه بالاختيارات الاقتصادية الكبرى. فمحرك الاقتصاد الوطني هو التساقطات المطرية، والمحصول الزراعي لا يزال هو المتحكم الأول في النمو الاقتصادي، وبالتالي يبقى النمو الاقتصادي رهين التقلبات المناخية. وهنا يتساءل الحبيب المالكي: كيف يمكننا بناء قاعدة صلبة لمواجهة التقلبات المناخية؟ فقد تراجعت نسبة النمو من خمسة في المائة سنة 2015 إلى أقل من واحد في المائة سنة 2016، بحسب التقديرات، وهو مايدفعنا ، يقول الحبيب المالكي،« إلى التساؤل عن السياسة الاقتصادية المتبعة من طرف الحكومة، فالنموذج الاقتصادي المتبع حاليا قد استنفد ويجب علينا، كاتحاد اشتراكي، أن نفكر في نموذج اقتصادي أكثر واقعية وأكثر جرأة وأكثر استشرافا للمستقبل، نموذج اقتصادي يساعد على إدماج الفئات الحية من شباب ونساء، نموذج اقتصادي يقلص من الهشاشة الاجتماعية، والتي أصبحت ظاهرة منتشرة، ليس في البوادي فقط، ولكن أيضا في المدن وهوامشها.. ».
وخلص الحبيب المالكي إلى القول إن الاقتصاد المغربي تتحكم فيه «الرحمة الربانية «ومزاجية المستثمرين الأجانب، وهذا شيء لا يمكنه أن يجعل المغرب يعرف نوعا من الاستقرار المستمر».
كلمة الحبيب المالكي ، والتي تابعها عدد كبير من المناضلين الاتحاديين بالحاضرة الإسماعيلية، تناولت، أيضا، بالتحليل، الرهانات المستقبلية بالمغرب في ظل الانتكاسة التي تسببت فيها الحكومة الحالية، ليخلص إلى القول إن الأوضاع السياسية والاجتماعية ببلادنا لا تبشر بالخير، حيث يقول في هذا الصدد « .. سجلنا كاتحاد اشتراكي تنامي الحركات الاحتجاجية نتيجة انعدام الحوار، والذي نتج عن غياب مأسسة الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية. فالحكومة الحالية تتخذ مجموعة من القرارات في ملفات جد حساسة وذلك بشكل انفرادي وأحادي، بالرغم من كونها تتسم بطابع اجتماعي، مما رفع من درجة التوتر ، وهذا ما دفع بالمركزيات النقابية إلى خلق جبهة اجتماعية ضد التوجهات اللاشعبية للحكومة ، وهو مايؤكده مستوى الغضب الذي تعيشه مجموعة من الفئات الاجتماعية، والتي تم ضرب قدرتها الشرائية. وهذه الأوضاع تشكل عنصر عدم استقرار بالنسبة للمغرب. فأوضاعنا جد هشة، وهذه الهشاشة لاتضمن استقرارا حقيقيا بالنسبة للسنوات القادمة.. ».
واعتبر الحبيب المالكي أن مايؤكد قوله من كون الأوضاع السياسية بالمغرب لاتبشر بالخير،مرده إلى عدم تطبيق مقتضيات دستور 2011 ، والذي ساهم حزب الاتحاد الاشتراكي في صياغته من خلال المذكرات المطلبية « والتي كنا الوحيدين الذين قدمنا مذكرة مطلبية تطالب بإصلاحات دستورية ، وهذا ماعاشه المغرب من خلال حركة 20 فبراير، فالحكومة الحالية ، على مستوى الممارسة ، حكومة خارج التغطية بالمقارنة مع ماجاء به دستور 2011. وهذا ما جعلنا نعبر، في مناسبات متعددة، عن قلقنا تجاه ماتقوم به ».
وفي سياق الحديث عن الاستحقاقات الانتخابية، سجل الحبيب المالكي أن ماجعل حزب الاتحاد الاشتراكي يقدم مذكرة لإصلاح المنظومة الانتخابية، هو ماتم تسجيله خلال الانتخابات المحلية الماضية ، ذلك أن سلطة المال شوهت المسلسل الانتخابي وأفقدت المؤسسات المنتخبة مصداقيتها.ذلك أن سلطة المال تتجاوز سلطة المؤسسات، والنتيجة، يقول الحبيب المالكي ،تظهر واضحة في تدبير معيب للشأن المحلي، مضيفا « إلى جانب سلطة المال، هناك استغلال الدين من خلال استعمال الشبكات الدعوية التي تمارس شكلا من أشكال الإفساد الانتخابي، خاصة في هوامش المدن، والتي تتم باسم الإحسان. فاستعمال الدين، وكذا استعمال المال، يشكلان عنصر عدم استقرار مستقبلا بالنسبة للمغرب.. »
وأضاف الحبيب المالكي في كلمته « أنه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار هذه العناصر : العنصر الاقتصادي، العنصر السياسي، والعنصر الاجتماعي، فإنه يمكن التأكيد أن الأوضاع العامة ببلادنا لا يمكن الإطمئنان عليها. أي أنها أوضاع جد هشة، وأن الاستقرار الذي تتغنى به الحكومة هو استقرار من باب الخطاب فقط . وإذا ماربطنا ذلك بالمؤشرات العامة، لابد من التعبئة لنجعل من سنة 2016 سنة الحسم بين القوى المحافظة التي تدفع المغرب إلى عدم عيش زمانه ، والقوى الحاملة لرسالة الديمقراطية والحداثة، وعلى رأسها حزب الاتحاد الاشتراكي. فالصراع سيكون بين هذين المعسكرين، وإذا لم نع طبيعة هذا الصراع فسوف لن نستخلص الدروس الضرورية ، و لن تتحقق التعبئة اللازمة من أجل إنجاح المرحلة. فالهدف أولا وأخيرا هو الوطن. فإذا لم تنجح القوى الحاملة لرسالة الديمقراطية والحداثة سيتراجع المغرب.
فعوامل الاستقرار في مجالات مختلفة ، وخلافا لما تدعيه الحكومة، ليست متوفرة، و 2016 يجب أن تكون سنة تغيير وسنة تناوب ديمقراطي جديد.. » .
وانتقد الحبيب المالكي الأداء الحكومي، معتبرا أن الحكومة تعبت قبل الأوان قائلا « هذه الحكومة بدون نفس، هذه الحكومة الغائبة الحاضرة ليست في مجرى الأحداث، وقد سجلنا غياب الحكومة في مناسبات متعددة ، حتى إذا كان هناك حضور فإن حضورها يكون شكليا فقط وعلينا كاتحاديين أن نعي خطورة رهان 2016، حتى نجعل من المعركة التي تنتظرنا نقطة انطلاق لتجديد التعاقد مع الشعب المغربي لتوفير كل الشروط من أجل التغيير وفتح المجال لتناوب ديمقراطي جديد. إذا لم نستوعب كل هذه الأشياء، إذا لم نتفهم المخاطر التي تنتظرنا، سوف نفتح المجال للقوى المحافظة التي تستعمل ازوداجية الخطاب، والتي تراهن على أشياء أصبحت متجاوزة، وبالتالي سيعيش المغرب تراجعات خطيرة ».
كلمة الحبيب المالكي تناولت، أيضا ، رهانات الحزب المستقبلية لبناء الوطن والمواطن، حيث تابع قائلا : « على ضوء ما سبق استعراضه ، ماهي مهامنا اليوم؟ نحن حزب المهام الصعبة، وتحملنا مسؤولياتنا في ظروف صعبة، تحملناها أوائل الاستقلال سنة 1959 ، و أسسنا للسيادة الاقتصادية لبلادنا ، ومن أهم المنجزات شركة لاسامير، والتي تعرف الآن إفلاسا غير مقبول.
فأين كانت الحكومة طيلة هذه السنوات ، ونحن نقولها صراحة، هناك تواطؤ. ولهذا بادرنا، كفريق اشتراكي، لطرح المشكل برلمانيا ، وطالبنا بتكوين لجن لتقصي الحقيقة. فهذه المنشأة من أهم الوسائل التي ساعدت على تحرير الاقتصاد الوطني، وعلى فتح آفاق جديدة من أجل بناء اقتصاد وطني متحرر، و نحن واعون أيضا بخطورة الظرفية التي يمر منها المغرب.
تحملنا مسؤولية صعبة سنة 1998 ، عندما كان المغرب مهددا بالسكتة القلبية، وقمنا بدور الإنقاذ لوطننا ، حيث غلبنا مصلحة الوطن على مصلحة الحزب. فنحن نعتبر أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية له رسالة تاريخية، وهذه الرسالة مازالت مستمرة من خلال مقاومة القوى الرجعية ، والتي تسعى إلى الاستنبات داخل الدولة من أجل فرض مشروع مجتمعي لا علاقة له بالدين الاسلامي الحنيف ، ولا علاقة له بثقافتنا و لا بتقاليدنا ولا بمحطينا الاقليمي والدولي. فعلينا أن نجعل الاتحاد الاشتراكي القاطرة التي من دونها لا يمكن أن يستمر البناء ».
واختتم الحبيب المالكي كلمته بالتأكيد على أن الاتحاد الاشتراكي قام بدور المنقذ ، وبأنه مازال لحد الآن يؤدي فاتورة هذا الدور، مؤكدا أن المرحلة الراهنة تقتضي التحلي بالمسؤولية ، والمسؤولية تقتضي التحلي بثقافة الحوار، وأيضا بالوضوح الفكري والإيديولوجي. فالسياسة من دون وضوح تؤدي إلى الباب المسدود،
تعليقات الزوار ( 0 )