انتقل إلى عفو الله ورحمته، المناضل الاتحادي الفذ، محمد أيت قدور، أحد مؤسسي اللحظة الاتحادية المتقدة بالمواجهة مع أزلام المستعمر.
وبهذه المناسبة الأليمة، يتقدم المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأحر تعازيه إلى عائلة الفقيد الكبير، وإلى جميع أهله ورفاق دربه، راجيا من العلي القدير أن يرزقهم الصبر والسلوان، وأن يتغمد الفقيد بواسع المغفرة والرضوان.
وكان الراحل أحد قادة حزب الاتحاد الاشتراكي، كما كان عضو اللجنة الإدارية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية منذ تأسيس حزب القوات الشعبية، ثم عضو اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي في ما بعد، وعضو اللجنة الخارجية للحزب لعدة سنوات، وممثلا لجريدة الحزب في الخارج لسنوات.
تربى محمد أيت قدور في أحضان الوطنية وعاش شجاعا، هو ابن قرية «بوعياش تالخوخت» الواقعة على بعد 25 كيلومترا من ميدلت عند قدم جبل العياشي. وكان الشهيد المهدي بنبركة وراء دخوله إلى المدرسة، في منتصف الأربعينيات حين حث رجال قرية بوعياش على تعليم أبنائهم، مما دفع والد أيت قدور إلى تحويل إصطبل للبهائم إلى مدرسة.
تلقى محمد أيت قدور تعليمه الأولي بمنطقته، وفي سنة 1953 تخرج من مدرسة ميدلت، قبل أن يصل إلى الشهادة الابتدائية، حيث أخذه مدير المدرسة التي كان يدرس بها وهو فرنسي الجنسية، لاستكمال دراسته، وبعد ذلك تخرج مهندسا والتحق بالسكك الحديدية، قبل أن يقضى عدة شهور متدربا في محطة سيدي قاسم، ثم انتقل إلى الرباط، وبدأ نضاله يتزايد في العاصمة وفي تافيلالت.
فمنذ سنة 1962 كان أيت قدور يشتغل مهندسا في السكك الحديدية، وهي المهنة التي أتاحت له إمكانية التحرك والترحال. وفي ربيع سنة 1964، اختطف أثناء زيارة لوالده بمدينة ميدلت واقتيد إلى مخفر شرطة بمدينة مكناس، حيث تم استنطاقه تحت شمس حارة على سطح المبنى، ليكتشف أن تنقلاته إلى تلمسان أمر يشكل مسا بأمن الدولة.
بعد اعتقاله، نال أيت قدور نصيبه من القمع والتعذيب، قبل المثول أمام المحكمة العسكرية بمكناس التي حكمت عليه آنذاك بالبراءة، وكان قد أمضى، قبل ذلك، ثمانين يوما في دار المقري، وفي ما بعد اقتيد إلى السجن المركزي بمكناس وبعد أسابيع مثل أمام محكمة عسكرية وتمت تبرئته. فأوضح أيت قدور قائلا: «إن القاضي فسر ذلك بقوله إن البلد مازال يحتاج إلى مهندسين».
بعد اختطاف الشهيد المهدي بنبركة في أكتوبر 1965، قام أيت قدور بتعبئة شاملة من أجل إعلان عن إضراب عام داخل قطاع السكك الحديدية، رغم أن المحجوب بن الصديق لم يوافقه على ذلك.
وبخصوص العلاقة التي كانت تربط أيت قدور بعمر الخطابي، فقد أكد أيت قدور أنه تعرف عليه في سنة 1968 عندما عين بالقنيطرة على رأس مينائها، آنذاك كان عمر الخطابي يدير صالونا للنقاش بمنزله، وكان من الطبيعي أن يكون على علاقة بأمقران والكويرة، مادام أنهما ينحدران من منطقة الريف، وذلك شأن كل الريفيين بالقنيطرة الذين كانوا يحجون إلى داره بمن فيهم بعض رجال الأمن.
غادر أيت قدور المغرب في أوائل شهر يونيو 1972 إلى فرنسا، إلا أنه بعد أحداث الانقلاب، حكم عليه غيابيا بالإعدام، وتمكن من الحصول على وضع لاجئ سياسي في فرنسا منذ سنة 1973.
بعد 17 سنة من المنفى، تحمس محمد أيت قدور للحضور في المؤتمر الوطني الخامس للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (1989)، واندفع إلى الطائرة كأنه يتذكر كلمة الشهيد عمر بنجلون حين قال له «أعيش في سجن المغرب ولا أعيش مبعدا عن بلدي»، قالها في زيارة له بعد المؤتمر الاستثنائي.
وصل أيت قدور إلى الرباط مساء يوم 29 مارس ليلة افتتاح المؤتمر الوطني الخامس للاتحاد الاشتراكي، من أجل المشاركة في أشغال المؤتمر، مستعملا جواز سفر الوكالة الفرنسية لحماية اللاجئين. وبمجرد وصوله إلى مطار الرباط- سلا تم اعتقاله من طرف مصالح الأمن، واحتفظت به السلطات المغربية حيث حملته إلى مكان مجهول.وواصل ايت كما ينعته المناضلون مشواره في حزبه الى ان فارق الحياة …
رحم الله محمد أيت قدور ، وعزاونا واحد في فقدانه، واحر التعازي لاسرته الصغيرة وعائلته. وإن القلب ليحزن لفراقه، ولعدم توديعه الي مثواه الاخير كما يليق بمناضل من طينته، نظرا للظروف المحيطة بالبلاد ، والمكتب السياسي يدعو كافة المناضلات والمناضلين، الى قراءة الفاتحة على روحه الطاهره أينما وجدوا.
إنا لله وإنا إليه راجعون

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

تشييع جنازة المناضل والإعلامي الكبير جمال براوي في موكب مهيب

الكاتب الأول يقدم التعازي لجلالة الملك، أصالة عن نفسه ونيابة عن الاتحاديات والاتحاديين

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023