الكاتب الأول للحزب: الشمال محتاج اليوم لنخب سياسية جديدة ولتناوب جديد ولمؤسسات قوية قادرة على رفع رهان التنمية ومتطلباتها
السياسة العدائية تجاه المغرب لا تخدم إلا اليمين المتطرف ومصالح بعض الأحزاب المعادية للقيم المشتركة المتجلية في الحرية والعدالة ونبذ الاستعمار
أوضح الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر أن « المغرب أبان عن قدرة كبيرة في مواجهة التحديات واتخاذ القرارات الصعبة من قببل وقف التهريب الذي كانت تمارسه إسبانيا وآثاره المدمرة على الاقتصاد الوطني، ورغم ذلك أثبت سكان منطقة الشمال وطنيتهم ووقوفهم جميعا سدا منيعا في مواجهة كل الصعوبات المحدقة بهم .»
وخلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الجهوي بجهة طنجة تطوان الحسيمة المنعقد بمدينة طنجة، مساء يوم السبت 19يونيو الجاري، الذي خصص لتقديم برنامج الحزب على مستوى هذه الجهة، أشار لشكر إلى أن» هناك سؤالا يطرح والمغرب على أبواب الانتخابات، هل بنفس البنيات وبنفس المنتخبين والبرامج سنكون قادرين على مواجهة عالم الغد وما سيطرح علينا من إكراهات وتحديات؟ «، ليعطي جوابا واضحا مفاده أن منطقة الشمال محتاجة اليوم إلى نخب سياسية جديدة، وإلى تناوب جديد ومؤسسات قوية قادرة على رفع رهان التنمية ومتطلباتها .
وفي نظر المسؤول الحزبي «فإن هذا لن يتأتى إلا بتكاثف الجهود والعمل جميعا لإنجاح الاستحقاقات القادمة، مبرزا أن الاتحاد الاشتراكي، بمعية مجموعة من الأحزاب السياسية، ساهم في إصلاح المنظومة الانتخابية، وجلالة الملك وهو يتوجه إلى تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات وإلى اللجن الجهوية والإقليمية بتوجيهاته حرص على إبلاغ الجميع بأن الوطن في حاجة لنسائه وشبابه ونخبه الجديدة والمسؤولية الآن ملقاة على عاتقنا»، يؤكد إدريس لشكر، مردفا في هذا المنتدى الجهوي الذي حضره أعضاء المكتب السياسي للحزب، وأعضاء الكتابة الجهوية، وعدد من المسؤولين الحزبيين على مستوى الجهة، والشبيبة الاتحادية، وحشد كبير من المناضلات والمناضلين أن «الحزب بصدد إعداد اللوائح الانتخابية (الغرف المهنية ،الجماعات،الجهات،البرلمان )،حيث ارتأى إشراك المواطنين في هذا التحضير من خلال أفكارهم وآراءهم، منوها في نفس الآن» بمبادرة الكتابة الجهوية للحزب بإطلاقها النقاش والحوار حول البرنامج الانتخابي للحزب بجهة طنجة تطوان الحسيمة» .
وتابع لشكر في هذا الصدد «أن الإبداع هو ما يميز حزب القوات الشعبية عن باقي الأحزاب وكذا الكيفية التي يتم تدبير بها المجال، هذا الأخير يختلف عن باقي الجهات الأخرى ويحق التساؤل، يضيف الكاتب الأول، عن أي توجيه سيأخذه المشروع التنموي الجديد في الشمال عل ضوء هذه المعطيات؟».
هذا وعاد لشكر ليؤكد أن تواجد المكتب السياسي بهذه الجهة هو تفعيل للقرار الذي اتخذه في وقت لاحق القاضي بحضور القيادة الحزبية بجهة طنجة تطوان الحسيمة على غرار باقي الجهات الحدودية، حيث توقف ذات المتحدث عند منطقة الشمال، معتبرا إياها الصورة الحقيقية للتعاون والشراكة، وأن المغرب منخرط بشكل إيجابي في جعل بحيرة المتوسط تنعم بالأمان والاستقرار، وأن هدفه كان دائما مد جسور التعاون مع جيرانه في الشمال، لاسيما أن جنوب هذه المنطقة عرف حراكا وحروبا أهلية وكان المغرب هو البلد الوحيد المستقر والآمن فيها.»
«أصدقاؤنا الاشتراكيون الذين كنا نعقد عليهم العزم ونتوقع منهم تبعا لما هو مشترك بيننا من قيم الحرية والعدالة والمساواة و نبذ الاستعمار يقول لشكر، كنا ننتظر منهم أن يكونوا في مستوى اللحظة وفقا لما يصرح به قادة يساريون، لاسيما فيليبي كونزاليس،وزاباطيرو ومواقفهما الإيجابية من عدة قضايا تهم مصالح المغرب، لكن ما قام به هؤلاء يعتبر نوعا من الخيانة، لذلك توجهنا إليهم لتنبيههم بأن هذه السياسة لا تخدم إلا اليمين المتطرف ومصالح بعض الأحزاب المعادية للقيم المشتركة بيننا وبينهم».
وتابع لشكر في هذا الصدد، «كنا ننتظر من إسبانيا بعد تحرير كافة أجزاء التراب واستكمال الوحدة الترابية، أن تنهي أي حديث حول هذا الموضوع، لكن، مع الأسف، تم التدخل في سيادة المغرب تحت مبررات إنسانية، تارة لمساعدة أطفال تندوف وتارة أخرى بمبرر تقديم المساعدة الطبية للمدعو «غالي»، وتارة تحت مبررات إدارية على خلفية أن هذه المنطقة كانت تحت الإدارة الإسبانية»، وأضاف المسؤول الحزبي» أنه بعد الاعتراف الأمريكي بالصحراء المغربية كنا نعتقد أن أوروبا بكل القيم التي جاءت بعد الثورة الصناعية سوف لن تكون عدوة الشعوب، لكن نحن الجيل الذي رفع شعارات أمريكا عدوة الشعوب، وأتساءل اليوم أين هو هذا العداء الذي تكنه أمريكا للمغرب اليوم، وبالرجوع لتلك الطريقة التي تبناها البرلمان الأوروبي ربما يحق التساؤل، هل أوروبا تحن إلى العهد القديم ولم تحرر بعد من موروثها الاستعماري؟ فالتصويت الأخير أزال الغشاوة عن أعيننا وتأكد لنا أن أوروبا هي عدوة الشعوب الإفريقية» ..
وعاد لشكر في ختام كلمته التوجبهية «ليثمن المواقف التي أقرها المغرب في العديد من المحطات لاسيما القرار الأخير الذي أقره جلالة الملك والقاضي بتمكين الجالية المغربية من الدخول لوطنها وإسعافها من أجل ذلك، وهو ما يؤكد أن بلادنا لديها القدرة على مقاومة كل الضغوط، في الوقت الذي اعتقدت فيه إسبانيا أنها ستكون الملجأ الوحيد والوسيلة الوحيدة فإذا بها تتفاجأ بكون بلادنا فتحت لأبنائها الوطن لصلة الرحم مع عائلاتهم وذويهم .»
بعد ذلك تناول الكلمة الدكتور محمد السوعلي، أحد الإطارات الحزبية التي عهد إليها بصياغة البرنامج الحزبي على مستوى الجهة نظرا لكفاءته ورصيده المعرفي والأكاديمي، الذي استهل عرضه بالوقوف عند المشروع التنموي الجديد، حيث قال» أنه لم يجد أية صعوبة في قراءته وفهم محتواه ومضامينه التي أكد أنها خلاصة لكل ما تداوله الحزب منذ مؤتمره الاستثنائي ، إلى يومنا هذا «، وزاد بقوله « أي اتحادي سيجد نفسه في هذه الوثيقة بالنظر للأفكار التي طالب بها الاتحاد على مستوى السياسات العمومية، التنظيم الإداري، أو التأمين وتقوية الموارد المالية، وهذا يدفع بالرجوع إلى اللجنة التي كلفها جلالة الملك بتحرير هذا المشروع حيث رغم وجود تيارات مختلفة داخل مكونات اللجنة إلا أن تفكيرهم كان تفكيرا اتحاديا لأنهم قدموا وثيقة وكأنها صادرة عن الأجهزة الاتحادية».
الدكتور السوعلي ربط مشروع البرنامج الاتحادي بالجهة ببعض الملاحظات التي يمكن أن تسجل على المشروع التنموي الجديد. وفي نظر المتحدث فإن أول ملاحظة والتي وصفها بالخطيرة تتجلى في إبعاد السياسي عن تنزيل هذا المشروع، وكأن الاقتصاد والتنمية والثقافة والرياضة هي أشياء تقنية بعيدة كل البعد عن العمل السياسي، بحيث لا يعطي المكانة الخاصة للمؤسسة الحزبية والسياسية انسجاما مع الدور الذي منحه دستور 2011 على مستوى تفعيل مخططات التنمية وتحريك آليات النطور والازدهار».
وأشار السوعلي إلى أن « تنزيل المخطط التنموي الجديد على أرض الواقع في غياب المؤسسات السياسية وفي غياب آليات تساهم في إفراز أغلبية ومعارضة بحيث أن الأغلبية تكون لها مسؤولية جسيمة في ما يتعلق بمحتوى المخطط التنموي، لا يمكن أن يستقيم، وبالتالي فدورها يظل واضحا في هذا الشأن، وهناك أسئلة كثيرة تطرح والتي من خلالها يمكن أن تتبلور فكرة واضحة مفادها: «إلى أي اتجاه يمكن أن تسير الجهوية، وكيف سيتم التعامل معها من طرف الدولة والقوى السياسية من خلال النموذج التنموي الجديد؟»
أسئلة كثيرة طرحها المتحدث والتي يجب أن تستحضر في صياغة البرنامج الحزبي من قبيل استقلالية الوحدات الترابية ( الجهات، الأقاليم، الجماعات )، والتي تؤطرها العديد من الاختصاصات المخولة لهذه الوحدات، وهناك تداخل في هذه الاختصاصات بشكل كبير، مما يجعل هناك ضبابية واضحة على هذا المستوى، والحزب مطالب في برامجه الانتخابية بضرورة تحديد الاختصاصات والأدوار لكل وحدة ترابية،»لا بد من تحديد الاختصاصات إذا أردنا ربط المسؤولية بالمحاسبة» يقول السوعلي، فتحديد الاختصاصات في نظره غير كافية حيث يوضح « أن الوصايا القبلية على الأشخاص وعلى القرارات لا تستقيم مع هذا الطرح، لأن في نظام اللامركزية لا بد أن تكون الوصايا من اختصاص القضاء الذي يقوم بمراقبة عمل الجماعات الترابية، وبالتالي يجب حذف هذه الوصايا المتعددة وجعلها بيد القضاء، ولتقوية هذا المقترح لا بد من إعادة طريق انتخاب رئيس الجهة الذي يجب أن يكون عن طريق الاقتراح المباشر وليس من الكتلة المنتخبة على مستوى الجهة، وذلك لتدعيم النظام المؤسساتي في اتجاه تقوية الديمقراطية المباشرة».
نقطة أخرى ركز عليها السوعلي في عرضه، وتتعلق بالاستقلال المالي للوحدات الترابية متسائلا كيف يمكن الحديث عن استقلالية هذه الوحدات في غياب الاعتمادات والإمكانيات المالية وتابع بقوله»أعطيك الاختصاص لكن بالمقابل لا أعطيك الإمكانيات لتحقيق البرنامج الانتخابي من خلال تدخلات حقيقية عبر إقرار مشاريع ملموسة وبأهداف واضحة.علينا أن نأخذ المبادرة ولدينا المشروع التنموي الذي يؤكد على إعادة النظر في القانون المنظم للوحدات الترابية .»
كما طرح ذات المتحدث مسألة أخرى اعتبرها في غاية الأهمية تتعلق بالتقطيع الجهوي، موضحا أن هناك من يقول إن جهة طنجة تطوان الحسيمة من أحسن الجهات التي استفادت من التقطيع، وأي متتبع يرى أن هذه الجهة لها إمكانيات واستثمارات مهمة لكن عندما يكون كل ذلك متوفرا يكون هناك طموح أكبر، والمشروع التنموي مبني على طموحات المواطنين، وفي حالة لم يتم تطوير الإمكانيات وفق الطموحات يمكن للجهة أن تسقط في الهشاشة والفقر، فالبرنامج الانتخابي يجب أن يهيأ على قاعدة الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية لمدن الجهة ، عبر الوقوف على الوظائف المرتبطة بالمجال من منظور الذكاء المجالي، حتى لا يكون العرض ضعيفا مقارنة مع الطلب، فالجهة لديها مخططات ولديها سياسة جهوية، لكن يظل ذلك رهينا بمدى جدية الدولة، والتقرير ينص على مغرب الجهات لكن على أساس اللاتركيز، حيث لا يعقل أن نقوي اللامركزية ونقلص من اللاتركيز .
وكان الكاتب الجهوي للحزب محمد المموحي قد افتتح فعاليات المنتدى الجهوي الحزبي بجهة طنجة تطوان الحسيمة بكلمة أشار فيها إلى الرمزية السياسية التي ينعقد فيها المنتدى بعدما عقد المكتب السياسي اجتماعه بمدينة الفنيدق المتواجدة على مرمى حجر من مدينة سبتة السليبة، والذي ارتأى من خلاله الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر أن يوجه رسائل واضحة للطرف الآخر مفادها أن الحزب معبأ لدعم مواقف بلادنا وأن هذه التعبئة ستتواصل دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة ومصالحها الحيوية، كما أثنى على مناضلات ومناضلي الحزب بالجهة ومواقفهم واستعدادهم لمواجهة كل التحديات والإكراهات بروح نضالية ووطنية عالية.
تعليقات الزوار ( 0 )