أود في البداية، قبل الدخول في مناقشة تفاصيل مشروع قانون المالية، أن أعبر باسم الفريق الاشتراكي عن اعتزازنا بالمواقف الوطنية الثابتة لجلالة الملك في خطابه السامي بمناسبة تخليد ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، في ظل الدينامية الإيجابية المتواصلة والتأكيد على العملية السياسية لإقرارحل نهائي قائم على مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.
ونسجل، في نفس الإطار، ارتياحنا للقرارالأخير الصادر عن مجلس الأمن، وماتضمنه من رد صريح على مناورات الخصوم ودعوة كل الأطراف، ومن بينها الجزائر، إلى ضرورة المشاركة في التفاوض السياسي.
ونغتنم هذه المناسبة لنتقدم بتحية إجلال وتقدير لكل مكونات القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة والإدارة الترابية والوقاية المدنية ومختلف الأجهزة الأمنيةعلى تجندها الدائم تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك من أجل الدفاع عن المصالح العليا للوطن وحماية وحدته الترابية وأمنه واستقراره.
إن مشروع قانون المالية أتى ليؤكد وجاهة موقفنا حيث صوتنا ضد البرنامج الحكومي،لكون الحكومة لم تمتلك، في أول امتحان لها، الشجاعة الكافية لطرح ميزانية تعكس توجهات برنامجها، وتعالج أولويات الشعب المغربي.
لقد جاء مشروع قانون المالية مخيبا للآمال،ودون مستوى انتظارات المواطن، وبعيدا عن تطلعات الفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحقوقي.مشروع ملتبسسياسيا، مرتبك في ترتيب الأولويات، ومفتقد للنفس الإصلاحي الشامل.
إن رهانات المرحلة المقبلة تقتضي منا أن نكون واضحين وأن تكون لدينا الشجاعة الكافية لتحمل المسؤولية. فكيف لحزب يقود الأغلبية الحكومية، وكان شريكا أساسيا في الحكومتين السابقتين، أن يتنكر لمسؤولياته ويقر بأن»السياسات الحكومية على مدى العشر سنوات الماضية أنتجت إخفاقات اقتصادية واجتماعية أجهزت على المكتسبات التي حققها المغرب سابقا وأصبحت عائقا للتنمية عوض أن تكون محركا لها»؟
الإقرار بهذا الحكم يستلزم ربط المسؤولية بالمحاسبة، خصوصا إذا كان الطرف المعني، طيلة الفترة السابقة، مدبرا رئيسيا لقطاع الاقتصاد والمالية، ومسؤولا مباشرا عن العديد من القطاعات الاستراتيجيةفي الاقتصاد الوطنيمن قبيل الفلاحة والصناعةوالتجارةوالسياحة وغيرها.
هل يتعلق الأمر بالنقد الذاتي؟ لا نعتقد ذلك، لأن نلاحظ نوعامن التظاهر بالبحث عن شهادة إبراء الذمة ؛ وفي ذلك تملص غير مفهوم، سياسيا وأخلاقيا، من تحمل المسؤولية، وإشارة سلبية تضعف الثقة في العمل السياسي.
لقد وقعت الحكومة في تناقض حين انتقدت السياسات العمومية القائمة، بينما تكاد لا تخلو صفحات المشروع من عبارات: «ستواصل الحكومة»، «ستعمل الحكومة على مواصلة»، «تسريع تفعيل المشاريع» وغيرها.
نفس التناقض وقع بين البرنامج الحكومي وبين مشروع قانون المالية: برنامج يدعي الابتكار وتفعيل سياسات قطاعية طموحة (في الفلاحة، الصيد البحري، الصناعة، الطاقة، وغيرها)، ومشروع يقوم على الاجترار ومواصلة ما بدأته الحكومة السابقة. الأدهى من هذا أننا في ظرف يومين فقط سمعنا وزيرة الاقتصاد والمالية بمجلس النواب تتحدث عن تفعيل سياسات قطاعية طموحة، من بينها الفلاحة، وسمعنا وزير الفلاحة بمجلس المستشارين يؤكد على مواصلة سياسة الحكومة السابقة.فهل بهكذا خطابات متناقضة سنعكس تجانس الفريق الحكومي؟
إن الحكومة، تارة، تنتقد في خطابها الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية للمرحلة السابقة، وتارة تؤكد على أن الاقتصاد المغربي سجل «تقدما إيجابيا في العقدين الماضيين»، كما نجد ذلك حرفيا في الصفحة 26 من وثيقة «التقرير الاقتصادي والمالي».
أي التوصيفين سنعتمد في تحليل تطور الظرفية المالية والاقتصادية والاجتماعية، وفي بناء التوقعات لمناقشة مشروع قانون المالية؟
إن المرحلة القادمة حاسمة في مسار التطور الديمقراطي والتنموي لبلادنا كما يتفق على ذلك الجميع، لكن يبدو أن هناك اختلافا حول تصور وآليات التدبير السياسي.
فقد صرحت الحكومة بأنها وضعت «هندسة حكومية تستجيب لمعايير الالتقائية والنجاعة لمباشرة الأوراش والأولويات»، وأن مقاربتها لا تقاس بالحجم وبعدد الحقائب.
الواقع لا يرتفع. فقد تم الاستغناء عن مكتسبات الحكومة المقلصة، والعودة بعقارب الساعة إلى زمن الترضيات،وتكريس التضخم في البنية الحكومية عبر تشتيت القطاعات الاستراتيجية المتجانسة.
فهذه الهندسة تعكس إلى أي مدى وصلت الهيمنة السياسية، فحتى تقييم السياسات العمومية الذي هو من اختصاص البرلمان، أفردت له الحكومة قطاعا وزاريا لقطع الطريق عن الجهات ذات الاختصاص: البرلمان والمندوبية السامية للتخطيط بعد إصلاحها كما دعا إلى ذلك جلالة الملك.
من جهة أخرى، ظهر جليا الارتباك في مسطرة إعداد وتقديم البرنامج الحكومي ومشروع قانون المالية: على مستوى تداول مجلس الحكومة، وعلى مستوى عرضهما أمام البرلمان في جلسة عامة مشتركة.
إنه لمؤشر سلبي على رغبة الأغلبية في تقويض الزمن التشريعي ألا تنطلق الأشغال الفعلية للجنة المالية والتنمية الاقتصادية إلا بعد 7 أيام من إيداع مشروع قانون المالية لدى مجلس النواب، وإيقافها قبل 5 أيام من أجلها. فلا يمكن إطلاقا الارتقاء بالعمل البرلماني ببرمجة تدفع في اتجاه تقليص هامش مساءلة الحكومة تحت ضغط احترام الأجندة الدستورية لمسطرة التصويت والمصادقة على مشروع قانون المالية.
لم تتقيد الحكومة أيضا بالمادة الثالثة من القانون التنظيمي لطرح إجراءات مالية لسنة واحدة، بل برمجتهاعلى سنتين للمبالغة في الجانب الكمي. برمجت 250.000 فرصة شغل برسم سنتي 2022 و2023، قبل أن تضطر، بعد تنبيه الفريق الاشتراكي، إلى التوضيح على أن الأمر يخص فقط 125.000 فرصة شغل سنة 2022.
لقد تقدمت أحزاب الأغلبية الحكومية في برامجها الانتخابية بالعديد من الوعود الوردية والأرقام الحالمة مما بعث الأمل في نفوس المواطنات والمواطنين، وشجعهم على المشاركة في العملية الانتخابية.
أين هي وعود إدماج المتعاقدين؟ أين هي البطاقة الصحية للاستفادة المجاني من العلاج والدواء؟ أين هو الدعم المالي المباشر المحدد في 2.500 درهم شهريا؟ أين؟ وأين؟ وأين؟
للأسف، تنكر البرنامج الحكومي لوعود البرامج الانتخابية، والآن يتنكر مشروع قانون المالية بدوره للالتزامات التي أعلنها البرنامج الحكومي.
تبخرت كل الوعود الانتخابية المرقمة في هذا المشروع سواء تعلق الأمر بنسبة النمو، أومبالغ الدعم الاجتماعي، أوعدد فرص الشغل، أومضاعفة المخصصات الاجتماعية، أو في غيرها.
لذلك، نحذر الحكومة من التنكر لوعودها والتزاماتها لأنها لن تكون في مستوى الأمل الذي خلقته في أوساط الشعب المغربي، ونخشى من العواقب التي قد تترتب عن ذلك.
إننا لا نفهم كيف يضع البرنامج الحكومي ضمن مبادئه الموجهة مأسسة العدالة الاجتماعية، ويجعلمن محاوره الاستراتيجية تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، وتطرح الحكومة مشروع القانون المالية محكوم بمنطق اقتصاد السوق والمقاربة الليبرالية المحافظة والارتهان للتوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية ؛ويأتي في ظل الارتفاع المهول لأسعار المواد الاستهلاكية.
إن الحكومة تتحمل مسؤولية مباشرة في غلاء الأسعار ومن مسؤوليتها حماية القدرة الشرائية للمواطن، وخاصة بالنسبة للفئات الاجتماعية الهشة والطبقة الوسطى.
مشروع قانون المالية يقترح نسبة نمو متواضعة غير كافية لخلق وضمان فرص الشغل التي وعدت بها الحكومة في ما يتعلق بما أسمته «تحفيز الاقتصاد الوطني لفائدة التشغيل»، مع تكريسها لنوع من البطالة المؤجلة باعتماد العقود المؤقتة في فرصة الشغل.
مشروع يفرض إجراءات ضريبية تضع نسبتها الكبرى على كاهل المأجورين بما يضعف الطبقة الوسطى عكس ما تعهد به البرنامج الحكومي من توسيع قاعدةهذه الطبقة وتعزيز قدرتها الشرائيةوالادخارية.
مشروع يلغي الضريبة التصاعدية على الشركات لصالح الضريبة التناسبية مما يؤثر سلبا على وضعية المقاولات الصغيرة والمتوسطة في تناقض تام مع توصيات النموذج التنموي وما التزم به البرنامج الحكومي.
مشروع لم يتمكن من مضاعفة الميزانيات الاجتماعية، مكتفيا بزيادات متواضعة في الميزانيات القطاعية لن توفر الموارد البشرية والمادية لإقرار العدالة التربوية والصحية والتفعيل الأنجع للمشروع الضخم المتعلق بالحماية الاجتماعية.
مشروع لا يجيب على المخاطر التي تهدد بنية المالية العمومية على مستوى التحكم في عجز الميزانية،وعجز الميزان التجاري،وتواضع الموارد غير الضريبية، واستمرار المنحى التصاعدي للنفقات، وضعف مردودية المجهود الاستثماري الكبير للدولة.
مشروع خال من أية مؤشرات لتقييم السياسات العمومية، أو نسب واضحة لإنجاز المشاريع والبرامج في أفق نهاية 2022، في تجاهل تام لالتزام البرنامج الحكومي بتكريس الحكامة الجيدة في التدبيرالعمومي، ولتوصية تقرير النموذج التنموي بمأسسة آليات تتبع وتقييم أداءا لسياسات العمومية والإصلاحات.
مشروع خال من أي إجراءات تجيب عن الإشكالات الحقيقة لمنظومة التحصيل للضرائب الوطنية والمحلية في ظل الضبابية والاجتهادات الفردية في مسطرة تطبيق الاشعار لدى الغير الحائز (ATD) وما يترتب عنها من ضياع لحقوق المقاولات وأحيانا للخزينة كذلك.
مشروع يهدر، مرة أخرى، الزمن السياسي بإرجاء الإصلاح الضروري إلى أجل غير مسمى.
أمام الوضع غير السليم لهيمنة الأغلبية الحكومية، قررنا في المعارضة (الفريق الاشتراكي والفريق الحركي وفريق التقدم والاشتراكية والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية) إلى التنسيق لتقديم جواب جماعي دفاعاعلى مكتسبات مؤسسة البرلمان في بعدها التشريعي والرقابية، وعلى التعددية السياسية، وصيانة لحقوق المعارضة، وحماية للتوازن داخل المؤسسة البرلمانية. وبادرنا إلى تقديم تعديلات مشتركة على مشروع قانون المالية بلغت73 تعديلا، منها تعديلات تهم مواد المشروع ومقترحات جديدة الهدف منها معالجة الاختلالات والدفاع على المكتسبات الاجتماعية ومواجهة التحديات المطروحة على بلادنا.
هذه التعديلات المشتركة، التي للأسف الشديد لم يتسع لها صدر الحكومة بسبب منطقها الأغلبي المتعنت، حرصنا في الفريق الاشتراكي على أن تعزز الحقوق الاجتماعية، وتحمي الطبقة الوسطى، وتدعم المقاولات المتوسطة والصغيرة، وتكرس التدبير العمومي الناجع.
السيدات والسادة؛
لنتوقف عند التزاماتكم العشر في البرنامج الحكومي ونفحصها على ضوء مشروع قانون المالية.
أولا،تحدثتم في البرنامج الحكومي عن نسبة نمو 4 % للخمس سنوات القادمة،وجاء أول مشروع لكم للمالية بنسبة 3,2%، وكأنكم تقرون ضمنيا أن الإجراءات المقترحة غير كافية لتحقيق الرجة المنتظرة في اقتصادنا، الذي يتعافى تدريجيا من تداعيات الأزمة الصحية.
ثانيا،علاقة بنسبة النمو، تحدثتم عن إنشاء مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الخمس سنوات المقبلة، بعملية حسابية نكون أمام 200 ألف منصب شغل صافي سنة 2022. عندما نعود إلى مشروع قانون المالية نجد الحكومة تتحدث عن خلق 860 26 منصبا ماليا برسم الميزانية العامة؛ وإذا أضفنا إليها مناصب الشغل الذي يحدثها الاقتصاد الوطني، فإننا لن نتجاوز100 إلى 120 ألف في أحسن الأحوال بالنظر إلى مكونات السياق الوطني. أين هو الباقي من الرقم الذي وعدتم به؟
ثالثا،تحدثتم عن رفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30 % عوض 20 % حاليا،لكن لا نجد لذلك صدى واضحا في مشروع قانون المالية ببرامج مضبوطة ومشاريع خاصة.
رابعا، بالنسبة لتفعيل مشروع الحماية الاجتماعية، هذا المشروع الملكي الذي حدد معالمه وأجندة تنزيله صاحب الجلالة، متوقف هو الآخر في جزأ من تفعيله على السجل الاجتماعي الموحد، حتى نتمكن من تحقيق استهداف أكثر فعالية من أجل تنزيل تعميم التعويضات العائلية ابتداء من سنة 2023.
كما أن مرحلة الثانية من تعميم التامين الاجباري الأساسي على المرض متوقفة على قدرة المنظومة الصحية الوطنية على استيعاب المستفيدين الجدد من التامين، مع العلم أن هذه الأخيرة تجتر عجزا وإخفاقا كبير في تدبير نظام المساعدة الطبية راميد. وتصريح السيد وزير الصحة إبان المناقشة الفرعية لقطاعه لا تبعث بمؤشرات مطمئنة حول مستوى التنسيق والتكامل واحترام الأجندة الزمنية للتنفيذ بين مختلف المتدخلين المعنيين بهذا الورش المجتمعي المهيكل. فماذا أنتم فاعلون؟
خامسا،تتحدثون عن إخراج الأسر من الفقر والهشاشة، وأنتم لحد الآن لم تخرجوا السجل الاجتماعي الموحد. رغم ما شكلته الجائحة من فرص سانحة لتحيين المعطيات والمعلومات حول هشاشة النسيج الاجتماعي والاقتصادي لفئات عديدة من المجتمع. وتصريحكم بإخراج السجل الاجتماعي الموحد حيز الوجود بقي حبيس أسطر الصفحة 50 من البرنامج الحكومي لا غير.
سادسا،الحديث عن الطبقة الوسطى وعن التماسك والحماية وما إلى ذلك من الشعارات الاجتماعية شكل أهم المحاور التي جاءت في البرنامج الحكومي، وكنا نمني النفس بأن نجد في أول مشروع قانون للمالية لهذه الحكومة إشارات قوية في اتجاه تخفيض الثقل الضريبي على الدخل مثلا، مراجعة الضريبة على القيمة المضافة، تحقيق نوع من العدالة الضريبية بين الملزمين، غياب أية برامج قطاعية لفا الطبقة المتوسطة.
عكس ذلك، جاء مشروع قانون المالية بضريبة داخلية على الاستهلاك تريدون تطبيقها على الآلات الإلكترونية من تلفاز وحواسب وألواح إلكترونية وهواتف محمولة، وعلى البطاريات المخصصة للمركبات. وأخرى على الثلاجات وأخرى على بعض المنتجات التي أصبحت جزءا من معيش الطبقة المتوسطة. وحاولنا كمكونات للمعارضة أن نستدرك إهمالكم لهذه الطبقة، من خلال تعديلات مشتركة بين فرق ومجموعة المعارضة، لكنها قوبلت برفض منهجي ودون مبررات مقبولة:
رفضتم تعديلاتنا بحذف الضريبة على الثلاجات والتلفاز والحواسب وما إلى ذلك من الضريبة الداخلية على الاستهلاك التي جاءت في مشروع القانون؛
رفضتم تعديلاتنا برفعالإعفاء إلى 40 ألف درهم عوض 30 ألف درهم؛
رفضتم تعديلاتنابخصوص الحياد الضريبي لمؤسسات الأعمال الاجتماعية في أنشطتها؛
رفضتم تعديلاتنا بمراجعة الخصوم عن الأعباء العائلية؛
رفضتم تعديلاتنا بمراجعة الخصوم لتحديد صافي الدخل المفروض عليه الضريبة على المعاشات والإيرادات العمرية؛
رفضتم تعديلاتنا بتخفيض رسوم الاستيراد على المواد التي تدخل في صناعة الأنسولين؛
رفضتم تعديلاتنا بإعفاء الآلات والمعدات المستعملة في عمليات زرع قوقعات الأذن؛
رفضتم تعديلاتنا بإعفاء الألواح الشمسية؛
رفضتم تعديلاتنا بتعزيز المناصب المخصصة للتعليم والصحة؛
رفضتم تعديلاتنا بتخفيض الضريبة على التجار الصغار؛
رفضتم تعديلاتنا بتخفيضالضريبة على الشركات؛
رفضتم 69 تعديل لفرق ومجموعة المعارضة، كلها تصب بشكل أو بآخر لصالح الفئات المجتمعية الصغيرة أو المتوسطة أفرادا كانوا أو مقاولات.
أبهذه الطريقة ستعززون التماسك والحمايةالاجتماعية؟
سابعا،تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية إلى أقل من 39 % عوض 46.6 حسب مؤشر جيني:بغض النظر عن صلابة الأسس العلمية لمؤشر جيني الذي اعتمدتموه كمرجع، فإن مشروع قانون المالية يفتقد للصيغ الإجرائية الكفيلة بفهم طبيعة التدخلات الحكومية واعتماد مؤشرات دقيقة في المجالات المتداخلة التي تكرس الفوارق الاجتماعية والمجالية.
ثامنا،تعبئة المنظومة التربوية–بكلمكوناتها– بهدف تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا: إن مقاربتكملإصلاح منظومة التربية والتكوين متعثرة من البداية، ومعالم الاحتقان أصبحت تلوح في الأفق، في ملف دقيق جدا. ذلك أن مكونات الأغلبية الحكومية قطعت على نفسها وعودا في الانتخابات، وخرج السيد رئيس الحكومة ومعه قيادات حزبية تتحمل اليوم مسؤولية تدبير الشأن العام، وتحدثوا جميعا عن طي ملف ما يسمى «بالأساتذة المتعاقدين» والتزموا بإدماجهم في قطاع الوظيفة العمومية. ليأتي مشروع قانون المالية مكرسا لواقعهم كأطر للأكاديميات، ويتقاضون أجورهم من الميزانيات المرصدة لهم فيها. وبغض النظر عن موقفنا من الملف، لقد نقضتم العهد الذي قطعتموه على أنفسكم في تدبير هذا الملف. وما نجحتم فيه لحد الآن، هو تعبئة المنظومة ضدكم وليس المصالحة معها.
تاسعا، في جزء من منظوركم للتعليم الأولي ركزتم على الفضاءات وعلى التجهيز وعلى التقنيات الحديثة. وهو أمر محمود متى توفرت الموارد البشرية الضرورية لعملية كهاته. والحال أننا نسجل خصاصا فادحا في الأطر التعليمية للمستويات الابتدائية والإعدادية، فما بالكم بالتعليم الأولي. والمؤسف أن قانون المالية في صيغته الحالية لا يجيب على هذه الأسئلة المقلقة بخصوص الإطار القانوني والمالي والمؤهلات المفروضة والتوزيع الجغرافي للعرض وغيرها. كما لا يجيب على استمرار تشتت التعليم الأولي بين خمسة قطاعات وزارية.
عاشرا،بغض النظر عن اختزالكم لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في إحداث صندوق مخصص لها؛فمشروع قانون المالية لسنة 2022، لا أثر فيه لحساب مرصد لهذا الشأن. بل رفضتم حتى تعديل فرق ومجموعة الأغلبية في هذا الصدد.
إنها أمثلة تشكل علامة بارزة على التناقض بين الشعار والممارسة، وبين ما تعلنونه وما تفعلونه.
إن الفريق الاشتراكي يعتبر أن المشروع المطروح على أنظار البرلمان:
مشروع خجول لا يوازي الطموح التنموي للبلاد لأنه أخطأ ترتيب الأولويات والمداخل الأساسية نحو تحقيق الإقلاع التنموي الشامل.
مشروع خارج الزمن السياسي ولا يتحلى، للأسف، بالجرأة والإبداع اللازمين لأنه يفتقد للعمق الإصلاحي المؤسس.
مشروع المحدودية والاجترار لأنه يكرس استمرارية ساذجة لكثير من السياسات القطاعية ولم يقم بوقفة التأمل الضرورية لإحداث القطائع.
مشروع محافظ لأنه بني على نفس الآليات السابقة ولم يطور أطروحة النمو في الارتباط مع متطلبات وتحديات المرحلة المقبلة. لكل هذه الاعتبارات، يصوت الفريق الاشتراكي ضد مشروع قانون للمالية لسنة 2022، وينبه الحكومة إلى أنها ابتعدت عن وضع الأسس الصلبة للتفعيل الأنجع للنموذج التنموي الجديد، وأنها انحازت لسياسات تقع على النقيض من طموح الدولة الاجتماعية، وأنها مسؤولة عن تدارك نواقص سياستها المحافظة قبل فوات الأوان.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الفريق الاشتراكي -المعارضة الاتحادية يسائل الحكومة حول : التدابير الاستباقية لحماية المدن من الفيضانات ومواجهة آثارها على الساكنة توسيع ميناء الصيد البحري بمدينة المرسى 

رئيس الفريق الاشتراكي يستقبل خولة لشكر نائبة رئيس الأممية الاشتراكية

عبد الرحيم شهيد لحكومة أخنوش .. فشلتم سياسيا، حقوقيا واجتماعيا فأين أنتم بنا ذاهبون؟

الكاتب الأول الاستاذ ادريس لشكر في برنامج « نقطة إلى السطر» على القناة الاولى