رسالة الاتحاد
يواصل الاتحاديون والاتحاديات الإعداد لمؤتمرهم الوطني الحادي عشر، وهم يتدبرون شؤون حزبهم، في سياق وطني وإقليمي ودولي موسوم بالجِدَّة وبالدقة وبالتحولات الكبرى.
وقد اختاروا عن وعي، وعن نضج تنظيمي وسياسي، أن يتم الإعداد للمحطة المقبلة بترسيخ قيم التفكير الجماعي المؤسساتي، الذي يحتكم إلى ما تراكم من منجز قانوني وعملي وسياسي.
واختاروا الإعداد لمؤتمرهم من داخل مؤسسات الحزب وهياكله ومن داخل ترسانته القانونية، وباعتماد ثقافة مؤسساتية لطالما شكَّلت إحدى ركائز الخطاب الاتحادي والمشروع السياسي والإصلاحي للاتحاد.
والمؤسسات، ودولة المؤسسات، حجر الزاوية في بناء العرض السياسي الاتحادي، ولذلك يعض المناضلون والمناضلات بالنواجذ على التواجد المؤسساتي، لطرح القضايا الجوهرية من جهة، وللبحث عن الأجوبة المناسبة لها من جهة ثانية.
فلا ديموقراطية في الفراغ الطلق وفي الشارع السياسي الطويل تعتبر ديموقراطيةً جدية ومنتجة، يمكنها من أن تحل معضلات التنظيمات ومعضلات البلاد.
غير أن بعض النزوعات، الفردية تارة والجماعية تارة أخرى، تتعمد طرح إشكالات المؤسسات من خارج المؤسسات نفسها، في مفارقة عجيبة تعتبر الحل في إنقاذ الشجرة يكمن في رميها بالأحجار من خارج البستان نفسه.
ويتخذ هذا المنحى أشكالا متعددة، منها حينا البحث في قوانين غير القوانين المعتمدة في ضبط التحكيم السياسي داخل المؤسسات الحزبية نفسها، عن أحكام ضد الأخوة الأعداء أو في البحث عن مستقبل للهيئات الحزبية، بدون حاضرها، في قفزة غير جدلية من الماضي.. إلى المستقبل الافتراضي.
ومن عناصر العبث أن الذين يعلنون موت التنظيم الحزبي هم الذين يبحثون له عن مستقبل وعن حلول.
إن النقاش الهادئ والمسؤول يفترض أن نمحص أولا المنطلق من خلال السؤال التالي أليس العبث الأكبر هو في منح الموتى من الأحزاب مستقبلا في الحياة السياسية بعد أن نكون قد غسلناهم ودفناهم وهرولوا بعيدا عن القبر وصاحبه؟
لعل الجواب يكمن في التواضع الضروري لبناء قيم مشتركة، وبناء أفق مشترك…
ومن التواضع عدم اعتبار من ظل يواصل الدفاع عن آخر معاقل الوجود الحي، متهما بالوفاء للحزب، ومن التواضع الإقرار بالخطأ في توصيف الحزب وهو في أتون المعركة السياسية، انتخابيا ومؤسساتيا وتنظيميا، من أجل البقاء..وتحميله كل خطايا الحياة السياسية، بدون تمييز وبإمعان كبير في تبخيس وجوده وتبخيس منجزات من صمدوا ومن قاوموا التفكك والاندثار بعد تلك الصرخة الشهيرة للأستاذ عبد الواحد الراضي عن: خطورة الانتحار الجماعي.
ومن المسؤولية النضالية أن ندعو، بصرامة وصراحة، إلى اعتماد الانتماء الواعي لمئات المناضلين والمناضلات في ربوع البلاد، طولا وعرضا، محكا حقيقيا للمشروعية في الحديث باسم الاتحاد، وتاريخه ومستقبله.
إن اللحظة لحظة ديموقراطية بامتياز، مفتوحة لكل الاتحاديات والاتحاديين، كما أنها لحظة لاستقطاب شباب جدد وأطر جديدة قادرين على التجاوب مع التحولات القائمة في البلاد، باعتماد الروح التصالحية التي تجاوب معها كثيرون، وتأفف منها البعض بتعال أثار التساؤل..في حينه.
ليس أمام الاتحاد سوى الفوز، وتجاوز نفسه، من أجل ترسيخ ثقافة المؤسسات في وقت تتناسل فيه مقومات التفكك وضمور الوسائط السياسية والنقابية والاجتماعية والثقافية، مهددا الجميع بفراغ مؤسساتي وعجز في الثقة وتبخيس أدوات الديموقراطية، تكون نتائجه عادة وخيمة على البلدان، والمحيط الإقليمي لبلادنا أكبر دليل.
إن الإيمان الذي يحدو الاتحاديين والاتحاديات بأن حزبهم ملك للأمة وملك لمناصريه وملك لمناضليه، ليس معناه إسقاط الشرط المؤسساتي في مقاربة أوضاعه وتقييم أدائه واستشراف مستقبله بل العكس هو الصحيح، حيث الشرط المؤسساتي طلب نابع من الأمة ومن المناصرين ومن المواطنين الحزبيين الفاعلين والذين لا يعلقون مواطنتهم الحزبية إلى أن تتحسن الظروف.
وعاش الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية…
تعليقات الزوار ( 0 )