المؤتمر الحادي عشر سيشكل لبنة جديدة في صرح هذا الحزب العتيد الذي يعتبر مصدر قوتنا واعتزازنا

الديمقراطية تفرض أن يتاح الحق للمؤتمرين الذين سيتم انتخابهم في القواعد ممارسة حقهم في التنافس على الكتابة الأولى

تحضير وسير أشغال المؤتمر من اختصاص النظام الداخلي للحزب الذي يظل من اختصاص المجلس الوطني

لا تزال الاستعدادات للمؤتمر الحادي عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تجري على قدم وساق لإنجاح هذا الاستحقاق التنظيمي الهام، رغم الظروف الاستثنائية التي تمر منها بلادنا، المتعلقة بالجائحة، لكن رغم هذا الإكراه وما يرافقه من تدابير وإجراءات احترازية، فإن كافة الاتحاديات والاتحاديين انخرطوا في دينامية التحضير والنقاش الذي شمل مشاريع المقررات والورقة التنظيمية والسياسية، وللوقوف على آخر التحضيرات لأشغال المؤتمر، وكذا عمل اللجنة التنظيمية باعتبار الدور الهام الذي تقوم به من خلال القضايا التي ناقشتها والمشاريع التي صاغتها، بالإضافة إلى مسألة الولاية الثالثة. كل هذه المواضيع وتفاصيل أخرى نكتشفها في حوار مع مصطفى عجاب، عضو المكتب السياسي للحزب ومقرر اللجنة التنظيمية .

 ما هو السياق الذي ينعقد فيه المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب؟

المؤتمر الوطني للحزب حل أجله القانوني مبدئيا خلال شهر يونيو 2021، إذ أن النظام الأساسي للحزب يحدد دورية انعقاد المؤتمر الوطني كل أربع سنوات (المادة 33)، وهو مقتضى ينسجم مع مقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية (المادة 49) وتحدد أجل عقد المؤتمر الوطني في أربع سنوات، لاسيما وأن هذه المادة تقرر فقدان الحزب لحق الاستفادة من الدعم العمومي إذا لم ينعقد المؤتمر الوطني في هذا الأجل. وبما أن الموعد الذي كان يجب أن ينعقد فيه المؤتمر تزامن مع ظروف الجائحة والمسلسل الانتخابي الذي عرفته بلادنا، وبمجرد انتهاء الاستحقاقات، بادر المكتب السياسي إلى طرح ومناقشة الدعوة للمؤتمر الوطني خضوعا للقانون، تم انطلقت دينامية المؤتمر، وتمت الدعوة لمجلس وطني للحزب لهذا الغرض في دورة عادية يوم 20 نونبر، وخلالها صادق المجلس الوطني على تحديد موعد المؤتمر ليتزامن مع ذكرى تأسيس الحزب، وقرر عقده في شكل مؤتمر عادي بصيغ استثنائية تراعي اكراهات الجائحة وما يرافقها من تدابير احترازية، حضوريا وعن بعد، وأدخل التعديلات الضرورية على النظام الداخلي لتتلاءم مع الظروف التي تفرضها أوضاع الجائحة. وتشكلت في نفس اليوم اللجنة التحضيرية وهيكلت نفسها، وتفرعت عنها ثلاث لجن: لجنة خاصة بإعداد الشروط المادية واللوجستية، ولجنة سياسية ولجنة تنظيمية، وتمت هيكلة اللجن، وشرعت في نفس اليوم في المناقشات الأولية لتحضير المؤتمر، كل لجنة في مجال اختصاصها.

 وقع التركيز على أشغال اللجنة التنظيمية، ما هي أهم القضايا التي تداولتها اللجنة؟

من الطبيعي أن يتم التركيز على أشغال ومداولات هذه اللجنة، وربما عرفت أغلب مؤتمرات الحزب تركيزا على القضايا التنظيمية المتعلقة بتنظيم المؤتمرات الوطنية، أذكر المؤتمرات السادس والسابع والثامن والتاسع، حيث عرفت اللجن المكلفة بقضايا التنظيم، أو لجنة تفعيل الأداة الحزبية، نقاشات عميقة في تحضير المؤتمر، وكيفية انتخاب أجهزته. لذلك طرح على اللجنة التنظيمية أن تقترح على اللجنة التحضيرية، ثم المجلس الوطني، الإجراءات والتدابير الكفيلة بتنظيم وسير أشغال المؤتمر الذي يجب أن ينتظم في صيغته العادية، وفي نفس الوقت مراعاة الظروف الاستثنائية للجائحة التي لا يمكن أن تسمح بجمع حوالي 1200 مؤتمر حضوريا في مكان واحد، لاسيما وأن المجلس الوطني قرر مبدأ انعقاد المؤتمر بصيغ استثنائية عن بعد بواسطة منصات جهوية. ومن أجل إنجاز مهامها؛ عقدت اللجنة التنظيمية عشرات الساعات من الاجتماعات، حضوريا وعن بعد حسب الأحوال، ونظمت ندوة وطنية أيضا فيها الحضوري وعن بعد، وفي خلاصات هذه الاجتماعات والمناقشات، والتراكمات التي انتهت إليها، أعدت اللجنة مشروعي مقررين: أولهما يتعلق بكيفيات انتخاب المؤتمرين، وثانيهما يتعلق بكيفيات انعقاد وتنظيم المؤتمر، ثم مشروع ورقة توجيهية حول نموذج تنظيمي للمستقبل. وفي نهاية مسار اللجنة عقدت اجتماعا أخيرا حضوريا، استكملت فيه المناقشات، وتمت المصادقة بشبه إجماع على المشاريع التي صاغتها سكرتارية اللجنة. وأحيلت على اللجنة التحضيرية، ثم المجلس الوطني الذي قرر المصادقة على مشاريع اللجنة التنظيمية بشبه إجماع مع امتناع تسعة إخوة عن التصويت. وأشير إلى أن أحد الإخوة في اللجنة التنظيمية، على ما أذكر، اقترح عقد مؤتمر استثنائي بالنظر لهذه الظروف، ولو أن المؤتمر الاستثنائي يرتبط في العقل الاتحادي بوجود أزمة داخلية، غير أن المؤتمر الاستثنائي يتشكل طبقا للمادة 37 من النظام الأساسي يتشكل من أعضاء المجلس الوطني وأعضاء الكتابات الجهوية. ومعلوم أن الكتابات الجهوية مضى على انتخابها، في أغلبيتها الساحقة، أزيد من 14 سنة، بل إن أغلبها قد انتخب في إطار التقطيع الجهوي القديم، ولم يعد لها وجود فعلي. لذلك تم استبعاد هذه الإمكانية، واتجهت الإرادة الجماعية للجنة إلى التنصيص على انتخاب أعضاء الكتابات الجهوية في المنصات الجهوية باعتبارها تستكمل شروط مؤتمر جهوي، بغاية الانطلاق بعد المؤتمر في هيكلة الكتابات الجهوية بعد أن يضاف إليها بالصفة أعضاء المكتب السياسي بالجهة وكتاب أقاليم الجهة والبرلمانيين بالجهة، ومسايرة لاختيارنا الجهوي ستكون الكتابات الجهوية مخولة بصلاحيات تنظيمية وسياسية حقيقية بالجهة لتشرف على إعادة هيكلة التنظيمات الإقليمية والمحلية والقطاعية، وستمكن من إمكانيات مادية تجعل منها بنيات تنظيمية قيادية ومؤطرة على مستوى الجهة.

 ثارت بعض الأصوات على مواقع التواصل الاجتماعي كون بعض ما ورد في مشاريع مقررات اللجنة التنظيمية مست النظام الأساسي للحزب، كون أن النظام الأساسي لا يمكن أن يغيره أو يعدله إلا المؤتمر. هل من توضيحات في هذا الباب؟

بالرجوع لمقتضيات النظام الأساسي للحزب نجده يخصص للمؤتمر الوطني العادي المواد من 33 إلى 36، وهي مواد تحدد دورية المؤتمر في أربع سنوات، ويحضره المؤتمرون بالصفة والانتخاب، ويحدد المجلس الوطني تاريخ ومكان انعقاده، ويحيل على النظام الداخلي لتحديد طريقة تحضير المؤتمر وسير أشغاله، ونصاب انعقاده، وتعتبر مقرراته نافذة بمجرد المصادقة عليها، وأخيرا تحديد مهام المؤتمر في:

 «مناقشة تقرير المكتب السياسي والمجلس الوطني ومشاريع التقارير التوجيهية والسياسية والتنظيمية المقدمة من لدن اللجنة التحضيرية والهيئات الوطنية.

مناقشة التقرير المالي المتعلق بالتدبير المالي للحزب والمصادقة عليه.

 وضع التوجهات الاستراتيجية والخط المرحلي للحزب.

تعديل النظام الأساسي للحزب، ويمكنه أن يفوض ذلك للمجلس الوطني.

 انتخاب الكاتب(ة) الأول وأعضاء المجلس الوطني».

وتبعا لهذه المقتضيات، أؤكد أن تحضير وسير أشغال المؤتمر من اختصاص النظام الداخلي، وهذا النظام الداخلي من اختصاص المجلس الوطني، وبحكم هذا المقتضى فإن ما قدمته اللجنة التنظيمية وأجازته اللجنة التحضيرية وصادق عليه المجلس الوطني يدخل في صميم الاختصاص الحصري للمجلس الوطني، ولم يتم المساس نهائيا في هذه القضايا بالنظام الأساسي.

 هناك من اعترض على هذه المقررات بدعوى الاستقرار القانوني، وحتى من أثار كون هذه القرارات لا يمكن أن تطبق إلا بعد المؤتمر عملا بعدم رجعية القانون.

بخصوص الاستقرار القانوني؛ علينا أن نستحضر الظروف الاستثنائية التي ينعقد فيها المؤتمر، وهناك تدابير احترازية تفرض نفسها حماية للمؤتمرات والمؤتمرين، وتبعا لذلك وجب على الحزب وضع ضوابط تتلاءم مع هذه الظروف، وهو ما تم القيام به في احترام تام لاختصاصات المجلس الوطني المخول بوضع ضوابط وإجراءات تحضير المؤتمر وسير أشغاله. والحزب وضع كل التدابير لانعقاد المؤتمر بواسطة المنصات الجهوية، وتم إيداعها لدى السلطات العمومية المختصة، ولم تكن محل أي اعتراض. أما بخصوص عدم رجعية القانون؛ ولو أننا نشتغل في حزب له مسار طويل من العمل السياسي، وعقد عشرة مؤتمرات، وله مرجعيات وأخلاقيات وتقاليد وأعراف في مجال تنظيم المؤتمرات، فإن ما صادق عليه المجلس الوطني في باب النظام الداخلي يعتبر نافذا بمجرد المصادقة، ويدخل هذا في باب المبادئ الأولية في القانون، ويمكن لي أن أذكر بتحضير المؤتمرين الثامن والتاسع، حيث كان المجلس الوطني يصادق على مقررات وتنفذ فورا، بل إن انتخاب الكاتب الأول في المؤتمرين الثامن والتاسع جرى وفقا لما تم تحضيره من قرارات، وتم العمل بها فورا في المؤتمر، في دورة واحدة في المؤتمر الثامن، وفي دورتين في المؤتمر التاسع.. ولم تتم المنازعة في نتائج انتخاب الكتابة الأولى بدعوى ما يقال إنه عدم رجعية القوانين، غير أن اللجنة التحضيرية، واللجنة التنظيمية المنبثقة عنها، تهتم حصرا بما تم تداوله بين أعضائها، وراج في اجتماعاتها، في احترام تام لحق التعبير عن الرأي والاختلاف، ولا تعتد إلا بالرأي المعبر عنه في إطارها.
وتنص المادة الرابعة من النظام الداخلي في باب المبادئ المؤطرة للتنظيم الحزبي، أن « حرية التعبير عن الرأي مضمونة لكل عضو(ة)شريطة التزام قواعد اللياقة، وعدم المساس بالحياة الخاصة، أو بمبادئ الحزب، ووحدته، وشرعية هيئاته وأجهزته، ولا يعتد إلا بالرأي المعبر عنه في إطار الهيئات والأجهزة الحزبية المخولة».

 كيف تعاطت هذه المقررات مع كيفية الترشيح للكتابة الأولى بشكل خاص؟

هناك من استعمل حقه في تقديم الترشيح داخل أجل شهر قبل موعد المؤتمر استنادا إلى مقتضيات المادتين 213 و 214 من النظام الداخلي، وتم الاحتفاظ بحق من تقدم بهذه الترشيحات، غير أن المجلس الوطني عدل هذه المقتضيات، وقرر أن تقديم الترشيحات مفتوح في وجه المؤتمرات والمؤتمرين في المؤتمر، إذ إن حق الترشيح لصيق بعضوية المؤتمر، بحكم أن الأصل هو اكتساب صفة مؤتمر كي تتحقق صفة الناخب لمن يريد أن يكون منتخبا، وهو مبدأ أصيل في الديمقراطية، علما بأننا لم نواجه في المؤتمرين الثامن والتاسع إشكالية وجود مرشحين غير مؤتمرين بحكم كونهم جميعا مؤتمرين للمؤتمر بصفاتهم، والديمقراطية تفرض أن يتاح الحق للمؤتمرين الذين سيتم انتخابهم في القواعد لممارسة حقهم في التنافس على الكتابة الأولى، وبعد حصر جميع الترشيحات للكتابة الأولى من طرف رئاسة المؤتمر، سيتم تأهيل المرشحين من طرف لجنة التأهيل، وسيكون للمرشحين المؤهلين عرض التزاماتهم التي تشكل أساسا للتعاقد مع المؤتمر، وبعدها يجري التصويت بشكل نزيه وشفاف، والمؤتمر سيد نفسه.

 يثار الحديث عن مسألة الولاية الثالثة، ما حقيقة هذا الأمر؟

هذا أمر مطروح على المؤتمر، وله القول الفصل بشأنه، ودواعي هذا المقترح يجد أسبابه في ما لاحظناه خلال المناقشات داخل اللجنة، وحتى أثناء مناقشة مشاريع المقررات في القواعد، كون أغلب القيادات المجالية الميدانية للحزب في الجهات والأقاليم ممن كانوا خلال هذه الاستحقاقات السند الأساسي في المعارك الانتخابية الأخيرة، ومكنت الحزب من تحقيق النتائج الجيدة التي لا ينكرها إلا من يجحد مجهودات الاتحاديات والاتحاديين ممن تعبئوا لخوض المعركة، هذه القيادات الميدانية استوفت في أغلبيتها الثمان سنوات في قيادة الجهات والأقاليم، وبتطبيق منطق الولايتين، سيتم حرمان هؤلاء من إمكانية مواصلة العمل وتحضير الشروط الضرورية لانطلاقة تنظيمية في دورة جديدة، تم إن نظامنا الحالي يقرر ولايتين لقائد الجهاز التنفيذي وثلاث ولايات لأعضاء الجهاز، وهو أمر لا يستقيم، لذلك سنعرض هذا المقترح برفع عدد الولايات وتوحيدها في ثلاث ولايات في كل الأجهزة من الفرع إلى الإقليم إلى الجهة إلى القيادة الوطنية، ونعتبر أن في هذا التعديل مصلحة حقيقية للحزب ليضمن نوعا من الاستقرار التنظيمي، ونفتح في ضوئه مسارا تنظيميا تقترحه الورقة التنظيمية المؤطرة لما تمت تسميته بالنموذج التنظيمي الجديد بعد مصادقة المؤتمر والانخراط في مجهود جماعي لأجرأته ووضع المقتضيات المسطرية الضرورية لتطبيقه، ومن دون شك، فإن هناك شبه إجماع على دعوة أخينا الكاتب الأول لتقديم ترشيحه للكتابة الأولى، بالنظر للجهد الشخصي الذي بذله في قيادة الحزب، وخاصة ما قام به من دور كبير في الإعداد للاستحقاقات الماضية مدة تزيد عن سنة، قطع خلالها المغرب شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، في التحضير المادي والأدبي، وفي دعم المرشحات والمرشحين في البوادي والحواضر، ويرجع إليه الدور الكبير في النتائج المحققة، والديمقراطية لا تسقط الربان الناجح.
وختاما أعتبر أن الاتحاديات والاتحاديين منخرطون جماعيا لإنجاح المؤتمر، كما تعكسه الأجواء السائدة سواء في اللجنة التحضيرية والمجلس الوطني، كما في القيادات والقواعد الحزبية عبر التراب الوطني، وكما يتم التعبير عنه من منتخبي الحزب في البرلمان والجماعات الترابية، والمؤتمر الحادي عشر سيشكل لبنة جديدة في صرح هذا الحزب العتيد، وسيتغلب الجميع على كل الاختلافات الأخوية والطبيعية التي تضفي على مؤتمراتنا الحيوية والتنافس الضروريين، وهذا ما شكل دوما مصدر قوتنا واعتزازنا واستمرارية هذا الصرح الكبير الذي يحفظ ذاكرة قادته الأفذاذ ويتوجه باستمرار نحو المستقبل.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني

في البيان العام للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية