يونس مجاهد
من الطبيعي جدا أن تبتهج الأوساط الرجعية، لكل التصدعات، التي تصيب قوى اليسار، مهما كانت تافهة، لأن ذلك يدخل في صميم الدور الموكول إليها، فجزء هام منها وُجِدَ أصلا، للقيام بمحاربة الأحزاب الديمقراطية.
الأمر لم يعد سِرًا، بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، الذي أصبح يتبنى كل شخص، مهما كان بسيطا، وكل مجموعة، ولو كانت مِجْهَرِيَةً، تعبر عن اختلافاتها داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أو تنشق عنه، في إطار مِنْهاجِ «فَرّقْ تَسُدْ».
لقد عمل هذا الحزب، مستغلا وجوده على رأس الحكومة، كل ما في وسعه، لتشجيع التناقضات داخل الاتحاديين، حيث وصل الأمر إلى أن أصبح رئيس هذه الحكومة، عبد الإله بنكيران، طرفا في الصراعات داخل البيت الاتحادي، هدفه ضرب القيادة الشرعية، مستغلا كل وسائل السلطة، كما كان يفعل وزير الداخلية الأسبق، إدريس البصري، في عملية شَقّ الأحزاب وزرع بذور الفتن داخلها.
و لم يقتصر الأمر على الاتحاديين، بالنسبة لبنكيران، في حملة تشجيع الصراعات داخل الهيئات، بل تعداه إلى حزب الاستقلال، وإلى الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وأحيانا أخرى إلى أحزاب داخل الائتلاف الحكومي، الحالي.
الهدف هو خلق التصدعات، قدر الإمكان، في كل التنظيمات والمؤسسات، حتى يظهر حزب العدالة والتنمية، وكأنه التنظيم «المتماسك»، و»البديل» الحقيقي، لكل الأحزاب الأخرى، بأعضاء منضبطين كالعسكر، وبزعيم يصطف وراءَه الكل، بمجرد إعطائه الإشارة.
في إطار هذا المِنْهاجِ، حظر هذا الحزب، المؤتمر التأسيسي، ل»البديل الديمقراطي».
لا يهمنا موضوع المؤتمر، فهو ليس بِحَدَث، بل ما يهم هو تسجيل تناقض حزب العدالة والتنمية، مع نفسه. ففي الوقت الذي يرفض تخفيض العتبة الانتخابية، بمبرر محاربة البلقنة، نجده يُهَرْوِلُ ويصفق لأتفه حدث، يشجع على البلقنة.
بل إن مجمل الوسائط، ورقية وإلكترونية، التي يتحكم فيها هذا الحزب، أوهي قريبة منه، احتفت، بشكل لم يسبق له مثيل، بالمؤتمر المذكور، حتى يخال المرء بأنها أصبحت يسارية واشتراكية وحداثية، وهي المغرقة في الرجعية واليمينية، حتى النخاع.
الأمر مفهوم، من طرف جماعة تعتبر أنها إذا لم تتمكن من تصفية اليسار، فعلى الأقل، يمكنها العمل على تشجيع تناقضاته، من أجل إضعافه وبلقنته، غير ما يستعصي على الفهم، هو أن يساير حزب التقدم والاشتراكية، هذا المنهاج، وهو الذي إلى يوم قريب، كان يدافع عن وحدة اليسار.
تعليقات الزوار ( 0 )