إن المجلس الوطني، للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المنعقد بتاريخ 23 يوليوز 2016، في دورته العادية، وبعد إنصاته لتقرير المكتب السياسي، الذي قدمه الكاتب الأول، الأخ إدريس لشكر، وللكلمة التوجيهية، التي ألقاها رئيس اللجنة الإدارية، الأخ الحبيب المالكي، وبعد مناقشات عميقة ومستفيضة، فإنه يؤكد ما يلي:

1-    الوعي الكامل بالمسؤولية التاريخية التي يتحملها الحزب، في مواصلة البناء الديمقراطي، مستلهما الكفاحات التي قادها من أجل الديمقراطية، والأدوار الطلائعية التي لعبها في معارضة الاختيارات اللاشعبية، منذ ستينيات القرن الماضي، والمساهمة الناجحة في إدارة الشأن العام، خاصة في حكومة التناوب التوافقي، ومواجهة الانحراف، الذي حصل بعد الإصلاح الدستوري لسنة 2011.

وعليه، فإنه يعتبر أن مهمة تعزيز الاختيار الديمقراطي الحداثي، الوارد في هذا الإصلاح، وتصحيح مساره، لا يمكن أن يتم إلا بتضافر الجهود بين المؤسسات الشرعية والأحزاب السياسية وكل الهيئات ذات الرصيد الوطني، المبني على وضوح الإختيارات واحترام دولة الحق والقانون والإلتزام بروح ونص الدستور.

2-    الاعتزاز بما حققه الحزب، في موقع المعارضة، سواء على مستوى المؤسسة التشريعية، أو على الصعيد الشعبي، حيث شكل البديل الرئيسي للتخبط الذي عرفته التجربة الحكومية، في نسختيها الأولى والثانية، والتنافر السافر بين مكوناتها، والفشل الذريع الذي وصل إليه أداؤها، على كل الواجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وينوه المجلس الوطني، في هذا الصدد، بالعمل النضالي، الذي ساهمت فيه التنظيمات الحزبية، إلى جانب مختلف القوات الشعبية، في فضح هذه السياسات، والارتباط بقضايا الجماهير الشعبية، والدفاع عن حقوقها والمشاركة الفاعلة في احتجاجات العديد من فئاتها المتضررة، من قوانين وإجراءات، أدت إلى مزيد من إفقارها ومضاعفة محنتها.

3-    الرفض القوي، للاختيارات الاقتصادية والإجتماعية، للحكومة الحالية، والتي أصبح فشلها، عنوانا بارزا في تقارير مؤسسات وطنية ودولية، سواء ما تعلق بمعدلات النمو الضعيفة، أو بارتفاع البطالة، خاصة بين الشباب الجامعي، أو بالزيادات المتوالية في الأسعار وفي الضرائب، وإضعاف القدرة الشرائية للمواطنين، والإجهاز على المكتسبات الإجتماعية

4-    إن المغرب، يواجه، في ظل هذه الحكومة، بوادر أزمة خانقة، لم يعرف لها مثيلا من قبل، تهدد الكيان الاقتصادي الوطني والبنيات التي حافظت على استقراره، حيث تمادت الحكومة في الاستدانة الفاحشة، دون أن ينعكس ذلك في تطوير آلية الإنتاج والنمو، بل إن كل المؤشرات تسير في اتجاه تكريس الأزمة، التي انعكست على العديد من القطاعات الصناعية والتجارية والخدماتية، وأدت إلى إفلاس مقاولات وكساد متواصل أضعف القدرات الوطنية في الاستثمار والتشغيل، مما أدى إلى استفحال البطالة وتراجع مستوى المعيشة .

5-    المساندة الكاملة للحركة النقابية المناضلة، في مواجهتها للقوانين الجائرة والإجراءات الإدارية وفي تصديها للتجاهل والتهميش الذي تمارسه الحكومة، لدورها كمؤطر للشغيلة، وطرف إجتماعي فاعل، ينص الدستور على موقعه المتميز.

ويسجل المجلس الوطني، تضامنه المطلق مع كل تنظيمات المجتمع المدني، وحركاته الاحتجاجية، التي تشمل المطالبة بالمساواة والإنصاف والتفعيل الحقيقي للأمازيغية كلغة وطنية، وبالكف عن اتخاذ إجراءات عشوائية وارتجالية، تمس العديد من الفئات في قوتها اليومي، وباحترام حقوق الإنسان والحريات الجماعية والفردية، ووضع حد لتأويل متخلف وأحادي الجانب للهوية وللدستور.

6-    التنبيه إلى تناقض المنهجية التشريعية، التي اتبعتها الحكومة، التي تميزت في بداية ولايتها بالبطء والتلكؤ، في إخراج قوانين، تنظيمية وغيرها، ضرورية لتفعيل الدستور، ومعالجة الخصاص التشريعي، لكنها عند اقتراب نهاية ولايتها، شرعت في التمرير الماراطوني والاستعجالي لعدد من المشاريع، ذات الأهمية البالغة، في غياب للتداول الكافي، حول قوانين سترهن حياة المواطن وسير المرافق العمومية والخاصة لسنوات قادمة.

ويُذَكِّرُ المجلس الوطني، بخصوص هذه المسألة، بموقف الحزب، في بداية ولاية هذه الحكومة، من ضرورة التشاور الجدي، طبقا للدستور، حول المخطط التشريعي، وحول القوانين التنظيمية، على الخصوص، في الوقت الذي فضلت الحكومة، وخاصة رئيسها، الإستهانة بالدور الذي ينبغي أن يلعبه البرلمان، الذي أصبح مجرد مؤسسة لتمرير قوانين، وليس ركنا من أركان البنيان الديمقراطي، كما ينص على ذلك الدستور.

فقد عرفت جلسة برلمانية واحدة تمرير ستة عشر قانونا، وهنا لابد من أن نحذر من محاولة تمرير عشرات القوانين، بمنطق الأغلبية في الساعات الأخيرة من الولاية التشريعية، مما سيؤدي حتما إلى ردة فعل من طرف المواطنين، جراء الأضرار الناتجة عن تشريعات متسرعة، خاصة منها ما يتعلق بالأمازيغية واللغات والإضراب.

7- استنكار الخطاب المزدوج، الذي يتراوح بين الانبطاح تارة والابتزاز والإساءة للمؤسسات… والشعبوية والكلام المجاني، تارة أخرى، الذي تلجأ إليه الأطراف المهيمنة داخل الحكومة، لتضليل الرأي االعام، والظهور بمظهر الضحية، وإشاعة خطاب المظلومية، وافتعال النزاع مع عدد من الأطراف، في الوقت الذي تتقاسم فيه كل المسؤوليات الفعلية، وتتوفر على الأغلبية لتصريف رؤيتها بخصوص السياسات المتبعة، سواء في المواقف الرسمية أو في المسلسل التشريعي أو في القرارات الاقتصادية والإجتماعية.

ويعتبر المجلس ، أن رفض المقترحات المقدمة، لإصلاح المنظومة الانتخابية، لتكون أكثر ديمقراطية وشفافية وعدالة، وأكثر ملاءمة للواقع السكاني والسوسيولوجي، يفضح زيف هذا الخطاب، ويكشف خلفياته، التي هي في الحقيقة محاولة للضغط من أجل تحسين موازين القوى لصالح الطرف المهيمن داخل الحكومة.

7-    التعبير الواضح عن الإرادة في بناء مشروع مجتمعي ديمقراطي حداثي متقدم ومزدهر، يقوم على سلط دستورية، تحترم التوازن بينها وتقطع مع فترة المراهقة السياسية، التي طبعت التجربة الحكومية، بعد دستور 2011، وتجاوز آثارها، بتقديم البدائل لمواكبة الطموحات الكبرى التي يعبر عنها المغرب، للتموقع الجدي في محيطه الإقليمي والقاري والدولي، والرقي بالمجتمع ومواصلة أوراش البناء الديمقراطي والتنمية والإنجازات، مع الكفاءات الوطنية، التي يزخر بها المغرب، والتي تعرضت للتهميش والإقصاء، بسبب أسلوب الزبونية ونظام الولاءات.

 

إن المجلس الوطني، وهو يناقش التحضير للانتخابات التشريعية المقبلة، يتطلع إلى تغيير شامل للأوضاع، والذي لا يمكن أن يحصل إلا بتناوب جديد، يضمن الانسجام مع التوجه الاستراتيجي للبلاد ويحفظ استقرارها، ويستمر في بناء مغرب الكفاءات لا مغرب الولاءات، مغرب الوطنية لا مغرب الايديولجيات، مغرب التعدد، لا مغرب الصوت الواحد، مغرب المؤسسات لا مغرب الامتيازات.
9- الإشادة بالرسالة الملكية، الموجهة لقمة الاتحاد الإفريقي، والتي تمثل وثيقة تاريخية، لما تحمله من نَفَسٍ تحرري، وانسجام سياسي وقانوني، ورؤية متقدمة لمعالجة مشاكل القارة الإفريقية، في مواجهة الفقر والتمزق والتقسيم والتبعية، وفي مواجهة منهجية تعميق التناحرات العرقية والقبلية، وهي الآفات التي ساهم في تضخيمها، التوجه الذي هيمن على هذا الاتحاد، بقبول عضوية كيان وهمي، وُجِدَ لتكريس التجزئة، وزرع الشقاق والمواجهة في منطقة شمال إفريقيا.
ويساند المجلس الوطني، كل الجهود التي تبذلها الدولة، من أجل استعادة المكانة الطبيعية للمغرب، في الاتحاد الإفريقي، بما يفتح مجالات أوسع، لمواصلة التعاون مع البلدان الإفريقية، لإزدهار ورفاهية مواطني قارتنا.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني

في البيان العام للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية