إدريس لشكر: هناك وضوح في الرؤية الاستراتيجية للدولة المغربية بينما هناك تخلف وتعثر في التنفيذ والتنزيل

الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبدالله: الحكومة الحالية تسعى إلى إظهار أن الوضع بالبلاد عادي في حين هناك أخطاء سياسية كثيرة وقدرات إعلامية وتواصلية ضعيفة


التأم، يوم الأربعاء 10 يناير 2024، المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية برئاسة كل من إدريس لشكر، الكاتب الأول، ومحمد نبيل بنعبدالله، الأمين العام، بالمقر المركزي لحزب الكتاب بالرباط، ويعتبر هذا الاجتماع الثاني من نوعه بعد الاجتماع الأول في سنة 2023 بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي الذي خصص للإعلان عن التنسيق والعمل السياسي المشترك من أجل جبهة سياسية لإقرار التوازن السياسي للمؤسسات بالبلاد.
يأتي هذا الاجتماع، بعد سلسلة من اللقاءات للجنة المشتركة المكونة من المكتب السياسي لحزب الاتحاد  الاشتراكي والديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، التي تمحورت حول الأشكال والصيغ والمبادرات السياسية الوحدوية التي من شأنها بلورة وتعزيز العمل المشترك ما بين الحزبين، في اتجاه الانفتاح على الأحزاب الوطنية والديمقراطية الأخرى.


وبهذه المناسبة، وبعد كلمة ترحيبية للأمين العام محمد نبيل بنعبدالله، الذي ذكر أن هذا اللقاء يعقد كما تم الاتفاق على ذلك، بعد اللقاء الأول الذي احتضنه المقر المركزي لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي كانت له رمزية كبيرة ودلالات إعلامية للمبادرة المشتركة ما بين الحزبين، وبعد العمل الذي قامت به اللجنة المشتركة للقيادة الحزبية، تناول الكلمة الكاتب الأول إدريس لشكر الذي عبر عن السعادة الكبيرة التي تغمره، بهذه الخطوة السياسية التي تحتاجها البلاد، في ظرفية سياسية دقيقة، تتسم بوضوح السياسات الاستراتيجية للدولة المغربية، بينما هناك تخلف وتعثر كبيرين في تنفيذها وتنزيلها.
وأبرز الكاتب الأول أن حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية يجمعهما التاريخ النضالي المشترك، وكل المبادرات السياسية المختلفة والحاسمة، والتي كان لها الأثر الإيجابي على البلاد انطلقت من خلال التنسيق والعمل المشترك السابق، موضحا في هذا السياق على أن كل المحطات التاريخية المتعلقة بالبناء الديمقراطي كانت تنهل من عملنا ومبادراتنا المشتركة، وفيما بعد انفتحنا على الأحزاب الوطنية الديموقراطية الأخرى، مذكرا أيضا بأن كل مبادرات الإصلاحات السياسية والدستورية التي شهدتها البلاد، انبثقت من خلال عملنا المشترك عبر رموز وقيادات هذين الحزبين وانفتاحها على الصف الديمقراطي والوطني.
ونبه الكاتب الأول للحزب إلى أن المغرب اليوم في مفترق الطرق، مبرزا في هذا الصدد، أنه بقدر ما أن هناك وضوحا في الرؤية الاستراتيجية للدولة والمسار التنموي للبلاد، بقدر ما أن هناك تعثرا وخللا في التنفيذ والتنزيل،  وانعدام حسن التعاطي والتدبير لعدد من القضايا السياسية والاجتماعية، والتي بإمكانها أن تزيد من الاحتقانات الاجتماعية المهددة للاستقرار الاجتماعي والتقدم التنموي الذي تنشده البلاد.
وبالموازاة مع ذلك، سجل لشكر أن «هذه الانتخابات الأخيرة لم تعرف أي طعون سياسية، لكن أخلاقيا كان لنا من الطعون الكثير، غير أننا كنا نعرف كأحزاب ديمقراطية أن البلاد محتاجة لنا من أجل تطوير البناء الديمقراطي وترسيخ العمل الديمقراطي داخل المؤسسات»، مستدركا القول»إن هذا المنتوج الذي جاء بعد هذه الانتخابات خيب الآمال، بالرغم من أن هذه الحكومة لم تكن أي حكومة مثلها في تاريخ المغرب باعتبار أنها تلقت دعما قويا، لكن تغولها ترسخ في جميع المؤسسات المركزية والجهوية والإقليمية، متمثلا في أغلبية سياسية متغولة وسيطرة على تدبير المجالس المنتخبة الجهوية والإقليمية، وفي المقابل كان هذا التعثر  السياسي وعدم اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب في عدد من القضايا المصيرية للبلاد، وهذا النوع من التدبير الذي تشوبه اختلالات كبيرة أرخى بظلاله على المستوى الجهوي والإقليمي بحيث نجد عددا من المؤسسات المنتخبة تعيش في وضعية «بلوكاج» تام يؤثر على المشاريع التنموية والاستثمارية على المستويات الجهوية والإقليمية وبالتالي على المستوى الوطني».
وأبرز الكاتب الأول للحزب متوجها إلى أعضاء القيادة السياسية للحزبين أن «ما ترونه من مشاريع وحلول في المجال الاقتصادي والاجتماعي، التي تنفذ اليوم، هي من بنات أفكار أحزابنا الديمقراطية»، ولإبراز إخفاق الحكومة في التدبير الحكيم للقضايا المصيرية بالبلاد، ساق الكاتب الأول مثالا على كيفية المعالجة التي تم بها ملف الاحتقان الاجتماعي بقطاع التعليم، متأسفا في نفس الوقت على أن حتى الحلول التي توصلت إليها الحكومة تترك الباب مشرعا للاحتقان الاجتماعي في قطاعات أخرى بالوظيفة العمومية، باعتبار أن الأمر يتعلق بزيادة في الأجر تصل إلى 35 في المائة.

وأمام هذا الوضع، دعا الكاتب الأول النخب السياسية القيادية للحزبين، إلى تطوير العمل الديمقراطي بالبلاد، وفتح الحوار في عدد من القضايا الأساسية التي تهم البلاد، مشددا على أنه حان الوقت للتفكير في إصلاح حقيقي في عدد من القوانين والأنظمة بما فيها الوثيقة الدستورية بعد مرور ثلاث عشرة سنة على صدورها، خاصة أن رموز وقادة الحزبين من المبادرين إلى المطالبة بالإصلاحات السياسية والدستورية.
ومن جهته ثمن الأمين العام محمد نبيل بنعبدالله، مبادرة العمل المشترك السياسي، التي خلقت جوا جديدا في صفوف الحزبين، إذ فتحت أبواب ونوافذ للعمل الوحدوي داخل الحزبين، وفي أوساط المجتمع، بحيث خلقت آمالا.
وشبه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية العمل السياسي بالمغرب، بـ»تسونامي كبير»، لكن بهذا العمل الوحدوي، تم خلق نفس سياسي جديد، لذلك يؤكد نبيل بنعبدالله، يجب الوعي بهذه الدينامية وما يمكن أن ينتج عنها، خاصة أن هناك انتظارات لا يمكن تخييبها، مذكرا بأن الحزبين لعبا أدوارا طلائعية في عدد من المحطات الحالكة.
وسجل بنعبدالله على أن الحكومة الحالية تسعى إلى أن تظهر على أن الوضع عادي وأن البلاد تسير بشكل جيد، في حين أن هناك أخطاء سياسية كثيرة وقدرات إعلامية وتواصلية ضعيفة، لذلك شدد بنعبدالله على أن هذه الخطوة المشتركة ينتظر منها الكثير، والمبادرة لابد أن تكون إطارا علنيا مفتوحا مابين الحزبين يمشي عكس مايقع الآن من اختلالات وتعثرات في التدبير المحكم، ولا يمكن الذهاب إلى سنة 2026 بما هي عليه البلاد الآن من وسائل وأشخاص سياسيين.
وأشار بنعبد الله إلى أن هناك نوعا من تبخيس السياسة والتعميم على أن كل المنتخبين فاسدين مما يبرز بالوضوح الكامل عمق الأزمة بالبلاد، لأن هذا التعميم فيه خطورة على الفاعلين السياسيين وهذا يسيء للبلاد.
وذكر قيادي حزب التقدم والاشتراكية بأنه تم التنبيه والتحذير في العديد من المرات من عدم إقحام كائنات انتخابية في الفضاء السياسي، التي ترتكب اليوم أخطاء قاتلة، مسجلا على أن هؤلاء يخلقون الانتظارات  ويخيبون الآمال، وفي المقابل دعا بنعبدالله إلى رفع وتيرة العمل والانفتاح على أحزاب أخرى بداية بالمعارضة، مطالبا البعض بالتريث في الحكم على هذه المبادرة وهي في بدايتها.
وأعقب هذا اللقاء الافتتاحي جلسة عمل مغلقة بين أعضاء المكاتب السياسية تمحورت حول المبادرات السياسية والإشعاعية والتنظيمية لهذا العمل المشترك، والتباحث في الوسائل والآليات التي من شأنها تفعيل جميع المقترحات على أرض الواقع.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني

في البيان العام للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية