أكد عبد الرحيم شهيد أثناء المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2025 صبيحة الجمعة الماضية خيبة أمله من مشروع قانون المالية وقال كنا نأمل أن نجد فيه من الحلول والإجراءات، ما قد ينسينا ما عشناه مع هذه الحكومة من تغول سياسي، وظروف صعبة اقتصادية واجتماعية، زاد من حدتها توالي سنوات الجفاف والكوارث الطبيعية، وتسجيل مستويات غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار في مواد كثيرة، تمثل أساس المعيش اليومي للطبقات الاجتماعية. وأوضح ريس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بالقول، ينتابنا شعور بالقلق، أمام التراجعات التي تُراكمها هذه الحكومة على أكثر من مؤشر، مما يفرض السؤال بكل وضوح ومسؤولية: إلى أين أنتم بنا ذاهبون؟
وذكر شهيد بالموقف المبدئي من قضية وحدتنا الترابية مشددا على ثبات المواقف التي عبر عنها جلالة الملك، وأن المغرب لا يتنازل ولا يفاوض على وحدته الترابية .
وبخصوص المشروع، وبعد استعراضه لعدد من التطورات ، ساءل شهيد الحكومة عن واقعية الفرضيات التي يتأسس عليها مشروع قانون المالية، في الشق المتعلق بأثمنة الغاز والبترول؛ خاصة إذا ما أخدنا بالاعتبار ظهور بؤر توتر جديدة في الشرق الأوسط، وتداعيات قرارات منظمة «أوبك» بالتخفيض .
وأضاف  شهيد أنه مع الأسف، «لا أجد في تحليلكم للظرفية شيئا يأخذ هذه التحديات بعين الاعتبار، كما لا أجد في مشروع قانون ماليتكم سيناريو واحدا بخصوص إمكانية تأقلم بلادنا مع هذه المتغيرات إذا ما تحققت، ولا أجد في قانون ماليتكم شيئا صريحا يستحضر التزامات المغرب بخصوص ترحيل المهاجرين وخاصة القاصرين منهم، وما سيترتب عن ذلك من تحملات مالية واقتصادية واجتماعية، كما لا أجد في مشروع قانون ماليتكم شيئا ملموسا يُذكر، بخصوص جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج وتعزيز حضورها السياسي والاقتصادي في البناء التنموي الوطني. فإلى أين أنتم بنا ذاهبون؟»
كما وقف شهيد على مشكل ارتفاع أثمان المواد الغذائية الأساسية، التي تشكل ثقلا إضافيا على المواطنات والمواطنين، في ظل افتقار الحكومة لأدوات تدخل فعالة وناجعة تعيد الأمور إلى نصابها، حيث وصل المتوسط السنوي للتضخم إلى 6.6 % سنة 2022 و6.1 % سنة 2023، قبل أن يتراجع في الفصل الثاني من سنة 2024، مخلفا ارتفاعا غير مسبوق لبعض المواد والمنتجات، وصل مستوى تفاقمها حد القابلية التي يتعايش معه المغاربة.
وهكذا، وصلت أضحية العيد إلى أكثر من 5000 درهم للخروف المتوسط، ووصل الكيلوغرام من اللحم لأكثر من 130 درهم، ووصلت أثمنة اللحوم البيضاء لأكثر من 35 درهم،  وسمك السردين إلى أكثر من 23 درهم في بعض المناطق، ووصل زيت المائدة إلى أكثر من 22 درهم، وفاقت بعض القطاني ثمن 35 درهم للكيلوغرام، وسجلت بعض الخضروات ارتفاعا مهولا، واستقرت أثمنة المحروقات في مستويات مرتفعة، ولم تتجاوز نسب تخفيضها 3% بين الفينة والأخرى، في الوقت الذي تراجع سعر النفط العالمي بأكثر من 20% على مستوى الأسواق الدولية، دون أن يكون لذلك أثر على الأسعار في محطات توزيع الوقود في السوق الوطنية.
وعلق شهيد قائلا « أي معنى لقوانين المالية بالنسبة لحكومة ترفع شعار الدولة الاجتماعية، و يزعم رئيسها أنه سوسيو-ديموقراطي، إذا لم يكن هدفها وسبب وجودها، الحماية الاجتماعية في كل أبعادها، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين
وأضاف شهيد « نسجل، مع كامل الأسف، عجز المخططات والبرامج الفلاحية عن خلق إنتاج فلاحي وطني يحقق الاكتفاء الذاتي، عدم الالتزام بالتقييم المؤسساتي المنتظم للمخططات والبرامج الفلاحية. كما نلاحظ، في ما يتعلق بالسيادة الغذائية، هيمنة الاستيراد في المنظومة الفلاحية إذ أن كل شيء يتم استيراده من الخارج، ونلاحظ عدم الوفاء بالالتزام الحكومي بخلق طبقة فلاحية متوسطة كما دعا إلى ذلك جلالة الملك. «
بالنسبة لقطاع التجهيز والماء، يضيف شهيد، تعهدتم بإعادة هيكلة منظومة الحكامة المائية من أجل تعزيز النجاعة والانسجام بين البرامج والفاعلين في أفق توفير وتوزيع عادل للموارد المائية بين الجهات وداخل كل جهة من خلال الوقوف على التنزيل المحكم لبرنامج بناء السدود وتحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة ومياه الأمطار، ثم تحسين مردودية قنوات توزيع مياه السقي والشرب. وعلى هذا الأساس، نسجل التأخر في تنفيذ عدد من المشاريع فضلا عن ضعف التقائية برامج عدد من القطاعات وتفاقم التفاوتات المجالية بين مختلف الجهات والمناطق فيما يتعلق بحجم الاستثمارات القطاعية لاسيما تلك المتعلقة بتعبئة المياه الصالحة للشرب.»
أما بالنسبة للجماعات الترابية، يقول شهيد، فقد تم رصد 138 مليار درهم للاستثمارات العمومية للمؤسسات والمقاولات العمومية، في مقابل 21.5 مليار درهم لفائدة الجماعات الترابية بأصنافها الثلاث، وهو مؤشر كافي على ضعف الاعتمادات المرصودة للجماعات ..وهي اعتمادات لا يمكن أن تستجيب بأية حال لانتظارات المواطنات والمواطنين.. .في مقابل مسؤولية سياسية كبيرة ملقاة على عاتق رؤساء هذه الجماعات الترابية. ويمكن أن نسجل أن ثلث هذا المبلغ المرصود للجماعات الترابية فقط مخصص للاستثمار، أما الثلثان فيخصصان للتسيير وذلك في تناقض صريح مع الفلسفة التي كانت سائدة في البداية والمتمثلة بتزويد الجماعات الترابية بمصادر الاستثمار.»
ولذلك « نعتبر أن بناء وتطوير الديمقراطية المحلية لا يمكن أن يتم دون رفع استثمارات الجماعات الترابية، بحيث لم يعد لرؤساء المجالس اليوم أي دور في ظل غياب الإمكانيات المادية كما أن هامش تدخلهم أضحى جد محدود ، ونعتبر في الفريق الاشتراكي أنه آن الأوان لرفع ميزانية الضريبة على القيمة المضافة للجماعات ورقمنة إداراتها وتكوين الموارد البشرية العاملة بها.
وفي ما يتعلق بحقوق الإنسان، أكد شهيد «مرة أخرى خيبة أملنا في هذه الحكومة الليبرالية التي كنا ننتظر منها أن تبادر إلى تحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو ما لم تقم به إلى اليوم رغم شعاراتها الحداثية».
كما تطرقت المداخلة بالتفصيل في عدد من القضايا الراهنة ارتباطا بمشروع قانون مالية حكومة أخنوش شكلت محاكمة حقيقية لها وسنعود لها في عدد لاحق.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الفريق الاشتراكي يطالب بمنهجية تشاركية لأجل قانون إضراب يخدم المجتمع

بيان منظمة النساء الاتحاديات

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»