قال الحبيب المالكي رئيس اللجنة الإدارية الوطنية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن المواقف السياسية للحزب، هي مواقف نابعة من صميم مسؤوليتنا الوطنية كي نوضح للرأي العام الوطني مخاطر السياسة الحكومية الحالية، فالمسؤولية ليست هروبا إلى الأمام أو هرولة، أو إدخال بعض الروتوشات على الواقع الحالي من أجل تزكيته.
وأوضح المالكي الذي كان يلقي كلمة باسم المكتب السياسي في افتتاح المجلس الوطني للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات الذي التأم يوم السبت الماضي، بالمقر المركزي للحزب بالرباط، على أن الاتحاد الاشتراكي لم يكن يوما ما مع “الماكياج” للمشهد السياسي، بل كان دائما مع التغيير من خلال إصلاحات بنيوية ما جعله أن يكون حزبا دائما متميزا وطلائعيا بمواقفه ومبادراته الدستورية والسياسية، مبرزا في هذا السياق أن قرارات اللجنة الإدارية الوطنية الأخيرة هي قرارات استثنائية تعبر عن مواقف سياسية ناتجة عن ما آلت إليه الأوضاع بالبلاد والأخطار المحدقة بها بسبب السياسة الحكومية المنتهجة.
وفي رد غير مباشر على الخصوم السياسيين الذين علقوا على القرارات الاستثنائية للجنة الإدارية، المطالبة باستقالة رئيس الحكومة، والدعوة لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها، ذكر القيادي الاتحادي أن حزب الوردة لم يكن يوما ما مع الانتظارية المقنعة، أو الانتظارية المغشوشة التي أدت إلى تعدد الأعطاب وتفشي الأمراض التي أضعفت البناء المؤسساتي للبلاد منذ أزيد من ثلاث سنوات، بسبب لامسؤولية رئيس الحكومة من خلال العشوائية السياسية التي يمارسها بكيفية منظمة و مقصودة، والتي تندرج في سياق مخطط له أهداف واضحة.
ولخص رئيس اللجنة الإدارية الوطنية للحزب هذه العشوائية السياسية لرئيس الحكومة في ما أسماه مجموعة من الأخطاء القاتلة، الخطأ الأول والمقصود مرتبط بعدم التفعيل المتعمد للدستور بكيفية ديمقراطية، باعتبار أن التفعيل الديمقراطي للدستور ستنتج عنه حركية تشاركية قوية لمكونات الشعب المغربي في الإصلاحات، ما سيجعل حزب العدالة والتنمية المحافظ حزبا متجاوزا باعتباره ليس حزبا ديمقراطيا وحداثيا، لذلك يقول المالكي “هناك نوع من الفرملة لتفعيل دستور 2011″، مذكرا بتاريخ نشأة ومسار حزب العدالة والتنمية في منتصف التسعينيات وارتباط قادته بدوائر معينة داخل السلطة.
وتساءل نفس المتحدث في هذا الإطار، أين نحن من توازن السلط، “فدور رئيس الحكومة دور متخلف في تدبير السلط، حيث يجد بعض التبريرات غير الموجودة في الدستور”، أين نحن من مصداقية المؤسسات، مؤسسات لها جاذبيتها وفاعلة وتتحمل كامل مسؤولياتها، “نلاحظ أن البناء المؤسساتي في ظل هذه الحكومة أصبح معطلا، وتابع الرأي العام الوطني المهازل من خلال الجلسات الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة وآخرها ما عشناه الشهر الماضي المتمثل في السب والقذف الذي مارسه رئيس الحكومة في حق المعارضة “.
وبالنسبة للخطأ القاتل الثاني، هو الرؤية الدونية لرئيس الحكومة تجاه المرأة المغربية، الممزوجة بنوع من الاحتقار، فردود الفعل له تنم عن عقد تتسبب له في نوبات، وهذا يطرح أكثر من سؤال بهذا الخصوص، فنحن أمام رجل لا يضبط أعصابه ولا يمارس سلوكات في مستوى المسؤولية التي يتحملها، وهذا ما يجعلنا جميعا والحركة النسائية أمام مسؤوليات جسام لمواجهة هذه الممارسات الذكورية بمعارك ديمقراطية لنصرة قضية الكرامة والحرية والمساواة للمرأة المغربية.
والخطأ القاتل الثالث يتجسد في الازدواجية في الخطاب لرئيس الحكومة، حيث يحمل هذا الأخير عدة قبعات، فهو رئيس للحكومة، وأمين عام للحزب الذي يقود الحكومة، وأحيانا قبعة دعوية.. ولا يمكن أن يشتغل رئيس الحكومة في ظل دستور 2011 وهو حامل لقبعات متعددة، فهذا بالنسبة للمالكي، ما يسمى بالنفاق السياسي، والعشوائية المدبرة المؤدية لتشويه صورة المغرب سواء في الداخل أو الخارج..
وتساءل في هذا الباب “كيف يمكن لنا كمعارضة أن نطمئن للانتخابات المقبلة، وكيف سنواجه هذه الانتخابات بشكل رصين مع رئيس للحكومة فاقد للتوازنات و يخلط بين هذه القبعات.
أما الخطأ الرابع القاتل يتمثل في هروب رئيس الحكومة من الحوار السياسي باعتباره لا يؤمن بذلك، وساق المالكي مثلا صارخا في هذا الاتجاه “لم يجلس رئيس الحكومة يوما على كأس شاي أو ماء مع المعارضة كما هو معمول به في التقاليد والأعراف الحكومية، باعتبار أن رئيس الحكومة يصبح مرتديا لجلباب رئاسة الحكومة وليس جلباب الأمانة العامة لحزبه، فلم يفكر في الجلوس مع المعارضة في جلسة شكلية استشارية في الوقت الذي كان يمارس ما نسميهم بالتقنوقراط هذا التقليد سابقا، وهذا دليل على أن رئيس الحكومة الحالي قد أغلق الباب عليه ليس لأسباب سياسية أكثر ما هي ذاتية”.
إلى هذا، هروب رئيس الحكومة من الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والدفع بها لاتخاذ أشكال نضالية تصعيدية غير آبه بعواقب ذلك على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فلأول مرة تقرر هذه المركزيات عدم الخروج في مسيرات فاتح ماي احتجاجا على رئاسة الحكومة المتهربة من الحوار الاجتماعي، والتي قررت أن يكون شهر ماي شهر للاحتجاجات.
و فيما يتعلق بالخطأ الخامس القاتل لرئيس الحكومة، يتمثل في إهماله للقضية الوطنية، إذ لم يقم رئيس الحكومة بأية مبادرة تذكر في هذا الاتجاه، وذكر المالكي في هذا الصدد بالمبادرات التي قام بها الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي الذي قاد حكومة التناوب هذه المبادرات التي جعلت العديد من الدول تسحب اعترافاتها بالجمهورية الوهمية للبوليساريو.
وفي الأخير شدد المالكي على أن المطالبة باستقالة رئيس الحكومة ليست شعارا كما يدعي البعض، فهي موقف سياسي ونداء لمكونات الشعب المغربي، نابع انطلاقا من التحليل السياسي لهذه المرحلة لأن هناك أزمة ثقة، وحتى نتحمل كامل مسؤولياتنا كحزب سياسي ديمقراطي وحداثي، لأن رئيس الحكومة يعتدي على الشعب المغربي يوميا من خلال إجراءات ذات طابع تقني لا علاقة لها بالإصلاح الحقيقي.
ومن جهتها سجلت خدوج السلاسي الكاتبة العامة للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، في نفس الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني، آن حكومة بنكيران، حكومة متخصصة في التراجعات عن المكتسبات التي حققتها القوى الديمقراطية والحقوقية والنقابية ومتخصصة أيضا في قضية المرأة المغربية، من أجل تحقيرها وتكريس دونيتها و الإجهاز على ما حققته الحركة النسائية منذ عقود. وذكرت السلاسي بهذه المناسبة بالسياقات الذاتية والموضوعية التي ينعقد فيها هذا المجلس الوطني ومدى الوعي الحاضر لدى النساء الاتحاديات بها، المتمثلة في الوضع السياسي المأزوم بفعل التصرفات الطائشة للحكومة الحالية، والهجمة الشرسة على القضية النسائية من خلال الخطاب السياسي لرئيس الحكومة وأعضاء حكومته، سواء داخل المؤسسات أو خارجها، أما على المستوى الذاتي فهي تتلخص في انعقاد المجلس بعد أسبوع من الدورة التاسعة للجنة الإدارية الوطنية للحزب التي اتخذت قرارات سياسية استثنائية نتيجة الأوضاع السياسية المأزومة.
وقدمت السلاسي أمام عضوات المجلس الوطني حصيلة تعاقد الكتابة الوطنية منذ المؤتمر الوطني الأخير للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات إلى غاية اليوم، سواء على المستوى التنظيمي المتمثل في عقد عدد من المؤتمرات الإقليمية أو على مستوى الندوات الإشعاعية التي قامت بها، ثم على مستوى التكوينات لفائدة للنساء الاتحاديات، فضلا عن مشاركة المنظمة في عدة لقاءات وطنية ودولية في إطار الأممية الاشتراكية للنساء، ومنتدى الأحزاب الاجتماعية والديمقراطية… و انتهزت السلاسي الفرصة، لتؤكد بهذه المناسبة أن كل أشكال الهجوم على القيادة الحزبية بخصوص مواقفها تجاه القضية النسائية، فهي هجومات على كل المواقف المتميزة وعلى قيم الحرية والكرامة والمساواة والحداثة والديمقراطية المنغرسة في الفكر الاتحادي، والتي لا يمكن التنازل عنها، بل تزيد هذه الهجومات الاتحاديات والاتحاديين إصرارا للنضال من أجل إقرارها وترسيخها.
وعرفت هذه الدورة للمجلس الوطني أشغال اللجان التي سادها نقاش غني ومستفيض من قبل عضوات المجلس الوطني حول عدد من القضايا التنظيمية والسياسية المرتبطة بالواقع وأفاق العمل، خاصة وأن الظرف يتميز باقتراب الاستحقاقات المهنية والجماعية.
تعليقات الزوار ( 0 )