بدهاليز التلفزة والإذاعة المغربية مركزيا وجهويا، تراث سمعي بصري، يحضن آلاف الأشرطة والتسجيلات، منذ أن شرع البثّ عبر الأثير والشاشة ببلادنا .ثروة هائلة، تراكمت عبر عقود، تشهد على محطات سياسية وثقافية ورياضية …وأحداث وطنية، وترصد تقاليد وتعبيرات مناطق جهوية ومحلية ، وتسجل إبداعات في مجالات شتى من مسرح وسينما وشعر وأغنية …
لهذا التراث السمعي البصري، خصص العالم يوما له، هو السابع والعشرون من أكتوبر، الذي يحل يومه .محطة عملت منظمة اليونسكو على إخراجها لحيز الوجود بعد ربع قرن من الدراسات والتوصيات والترتيبات، معتبرة أن الحفاظ على التراث السمعي والبصري للعالم، يعني الحفاظ على ذاكرتنا الجماعية، وضمان نقلها إلى أجيال الغد. فلا بد لنا من أن نفهم الماضي، من أجل أن نشيد مستقبلا مشتركا، يقوم على الحوار والتفاهم.
ونحن بصدد تخليد هذا اليوم، لامحيد عن أن نطرح السؤال الرئيسي : ماهو وضع تراثنا السمعي البصري القابع بمقرات الاذاعة والتلفزة؟
أولا ، نشيد بالمجهودات التي يتم بذلها من أجل رقمنة هذا التراث. بالرغم من عدم وجود معطيات، تفيد بحصيلة هذه الجهود التي انطلقت قبل سنوات، والتي ترمي لحماية عشرات الآلاف من الساعات من التسجيلات وجعْلها في أوضاع مكانية وتقنية آمنة .
ثانيا ، إن المبنى الحالي لدار البريهي وللعديد من الإذاعات الجهوية، عبارة عن فضاءات، لم تعد تتلاءم والتطورات التي يعرفها القطاع ،وليست في مستوى أهميته وخطورته، ولا توفر ظروف عمل مريحة للعنصر البشري وللتراث السمعي البصري …
ثالثا ، لقد طالت الأشرطةَ والتسجيلات أعطابٌ وتلف بفعل عواملَ عدةٍ من بينها الإهمال وظروف التخزين والحرائق، وآخرها ما شهده أبريل الماضي.
رابعا ، لم يتم استثمار جزء كبير من هذا التراث في برامجَ لاِطْلاع الأجيال الجديدة على مراحلَ من تاريخ المغرب . وهنا لامناصّ من الإشارة إلى أن رقابةً مقصودة، جثمت على صدر أشرطة، لأنها تتضمن صور شخصيات وطنية، كانت لها مواقفُ سياسية في العديد من حقب التاريخ الحديث لبلادنا .
خامسا، ثمة جزء كبير من الذاكرة المغربية مازال مهرّبا لدى فرنسا واسبانيا الدولتيْن اللتين استعمرتا بلادنا لعقود، وأشرفت سلطاتهما على تصوير أحداث وتسجيل وقائعَ . ولم تستطع الاتفاقيات المبرمة في هذا الإطار، استعادة كل هذا التراث السمعي البصري.
إن السجلات السمعية والبصرية – من أفلام وتسجيلات للفيديو وتسجيلات إذاعية وتسجيلات صوتية ، تعبر – كما أكدت ذلك اليونسكو – عن إبداع الإنسان، وعن نبض مجريات ثقافاتنا، وهي لا تحافظ فقط في الزمان والمكان على شهادات ثمينة على مجرى تاريخنا، وإنما تشجع أيضا، الحوار الثقافي وقيام تفاهم أفضلَ بين مختلف الثقافات والرؤى التصورية.
فعسى أن يكون تخليد هذا اليوم، فرصة جديدة للفت انتباه المسؤولين إلى مدى أهمية الحفاظ على هذا التراث،لأجل رعايته وحمايته ورفع درجة تحسيس وتوعية عموم الناس بشأنه الهام والحيوي.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني

في البيان العام للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية