يونس مجاهد
رغم كل الأحداث الطارئة، مثل مشاورات تشكيل الحكومة وفاجعة الفقيد محسن فكري، فإن هناك، بالموازاة مع كل هذا، قضية ذات طبيعة استراتيجية، ترهن مستقبل البلاد أكثر مما ترهنه كل القضايا الأخرى، رغم ما لها من أهمية بالغة.
يتعلق الأمر بقضية الصحراء المغربية، التي مازالت كسيف ديموقليس مسلط على المغرب من طرف ما يسمى ب»المنتظم الدولي»، الذي هو في الواقع، ليس سوى التوازن الجيوستراتيجي بين القوى العظمى، و بين فكها، تقع بلادنا.
الزيارة الملكية لبلدان في شرق إفريقيا، بالإضافة إلى بعدها الشجاع والمجدد، يؤشر على التحضير لعلاقة جديدة مع قارتنا، ستتواصل مع مختلف جهاتها، في الوسط والجنوب، رغم كل الصعاب، لأن حل قضية الوحدة الترابية يوجد في المغرب الإفريقي.
غادر المغرب منظمة الوحدة الإفريقية بعد أن تبين له أن المنطق الاستعماري قد استبد بأغلب مكوناتها، بفعل الدور الانحرافي الذي لعبته الأوليغارشية العسكرية الجزائرية، حفاظا على الحدود والتوازنات الموروثة عن الاستعمار، فبحث عن فضاء أوسع في منظمة الأمم المتحدة، غير أنه وجد نفسه ضحية فخ جديد، لأن نفس المنطق التجزيئي/الاستعماري ساد أيضا فيمن يتحكمون في هذه المنظمة الدولية.
ما الذي حدث، حتى يعود المغرب، مجددا، للاتحاد الإفريقي ولدول إِفريقية ساندت انضمام وهم استعماري اسمه الجمهورية الصحراوية؟
يعتبر العقل الاستراتيجي المغربي أن المصير المغربي يكمن في التعاون الثنائي والمتعدد، الإفريقي/ إفريقي، الذي طوره المغرب خلال عقود، و قد أثبت أن هناك طريقا آخر للتحرر الإفريقي غير الشعارات الثورية الفارغة التي تخفي توجها تبعيا للقوى الاستعمارية، كما هو الشأن بالنسبة لعدد من البلدان الإفريقية تتزعمها الجزائر.
بالإضافة إلى كل هذا، يمكن القول إن التطورات التي عرفها العالم أثبتت لعديد من القادة الأفارقة أن القوى الاستعمارية مازالت متربصة بها، وأن منهجية التقسيم الجغرافي والتطاحن العرقي والتجزيء القبلي لم تنتج سوى الحروب الأهلية والخراب والدمار.
المعركة الإفريقية حاسمة في مستقبل ملف الصحراء، لأن المنحى الذي سيسير فيه الاتحاد الإفريقي سيكون له بالغ الأثر على ما يسمى بالمنتظم الدولي، لأن عودة المغرب لهذه المنظمة القارية سينزع كثيرا من الأسلحة من يد توازن الابتزاز الذي يلعبه هذا المنتظم الذي لم ينتج حاليا سوى الحروب والاقتتال والتدمير في العالم العربي وإفريقيا وأفغانستان…
تعليقات الزوار ( 0 )