مقتطف من كلمة الكاتب الاول ادريس لشكر امام اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي

إننا لا ننظر الى المشاركة في الحكومة، كما لو كنّا ذاهبون إلى نزهة، فنحن واعون بالصعوبات والمشاكل والتحديات، كما أننا حزب قضى أربعين سنة في المعارضة، بكل قساوتها وتضحياتها، ولم يشارك في حكومة التناوب إلا في اطار توافق، مع الملك الراحل الحسن الثاني، بعد أن وصلت البلاد للسكتة القلبية.

وقد ساهم حزبنا في أوراش الإصلاح، بعد ذلك، من موقع المشاركة الحكومية، إلى أن إختار عن طواعية، في سنة 2011، العودة لصف المعارضة، فحزبنا ليس من عشاق المناصب الحكومية والحقائب الوزارية، فهو لا يختار موقعه إلا بناءا على ما يمكن أن يحققه من مكاسب للشعب، وما يمكن إنجازه من مشاريع لصالح الوطن.

ولذلك فإذا كنّا قد عبرنا عن إرادتنا في تيسير مهمة رئيس الحكومة المكلف، فإننا ننتظر عرضه الملموس، لنرى إلى أي مدى يتجاوب مع طموحاتنا، لتحقيق هذه الغايات، إي مكاسب للشعب والوطن. فنحن منفتحون على هذا العرض، بكل حسن نية، لمناقشته دون أي موقف مسبق، مستحضرين التوجيهات، التي وردت في الخطاب الملكي، الأخير.

وننتظر من اللجنة الإدارية، التداول في هذا الموقف، بناءا على تاريخ حزبنا وعلى تراثه النضالي، الذي وضع، دائما، المضمون قبل الشكل والأفكار قبل الأشخاص والمشاريع قبل المسؤوليات، معتبرا أن بوصلته هي البرامج والتصورات والوضوح.

إننا عندما نقترح هذا الإختيار، فلأننا نعتبر أن الإشكالات التي تواجهنا وتواجه بلادنا، تتجاوز مسألة المشاورات الحالية، وخاصة أن المشاورات الأخيرة أبانت عن مسلكيات يؤكد الاتحاد الاشتراكي رفضه لها في ما يتعلق بالأقطاب. وفي هذا الصدد، فإننا نذكر بتجربتنا الرائدة لحكومة التناوب، والتي تمكن من خلالها حزبنا من المحافظة على علاقاته الثنائية مع الأحزاب السياسية الرئيسية بالبلاد، رغم التحافات التي كانت قائمة آنذاك والتي قسمت البلاد إلى كتلة ووفاق ووسط، ودون أن يكون لذلك تأثير على أحزاب تربطنا بها علاقات متينة.

فعلى سبيل المثال، شكلت علاقتنا مع التجمع الوطني للأحرار نموذجا جيدا، سواء خلال مرحلة معارضة ما قبل سنة 1998 حيث كان هذا الحزب منفتحا على الاتحاد الاشتراكي بشكل مُتميز ومطبوع بعلاقة تتجاوز مواقعنا التي كانت متباينة، لدرجة أننا لم نتردد أية لحظة في فتح حوار معه قصد المشاركة في حكومة التناوب، متجاوزين بذلك كون أننا كنا ننتمي آنذاك للكتلة الديمقراطية. وطيلة مشاركتنا في الحكومات الموالية، كانت هذه العلاقة تزداد متانة لدرجة أنها لم تتأثر بخروجنا للمعارضة بعد انتخابات 2011 التشريعية.

والاتحاد الاشتراكي، إذ يُذكر بهذا النموذج، يعتبر أن موقفه الراسخ، يتطلب منه الاستمرار في نفس النهج بخصوص المشاورات الحكومية الجارية حاليا، وذلك بالدعوة للقطع مع سياسة الأقطاب كيفما كانت طبيعتها، وفتح المجال أمام العلاقات الثنائية دون ربطها بأية قطبية أو تكتل كيفما كانت تسميته. فالاتحاد الاشتراكي برصيده النضالي والتاريخي لا يُمكن أن يتم “تذويبه” في أي تكتل، أو التحاور معه على أنه “جزء” من إطار أشمل. وبنفس المنطق، فإنه لن نقبل أن يتحاور معنا أي تحالف من أي نوع كان، بل سنجعل من العلاقات الثنائية الأساس الذي سيبني عليه مواقفنا.

لقد سبق أن طرحنا مختلف هذه الإشكالات، عندما إقترحنا مراجعة شاملة للمنظومة الإنتخابية، في اطارالإصلاح السياسي الشامل، حيث لا يمكن إن نتصور أن دستور 2011، سيفعل وحده، بشكل تلقائا، إذا لم يكتسب أيادي للعمل وأرجلا لكي يمشي على الإرض.

إن هذه المنهجية، وسيلة لاعتماد عمل حكومي تعاقدي وتشاركي، لا يجعل من الحقائب الوزارية هدفا في حد ذاته، وإنما وسيلة نعتبرها فعالة للدفع بالعمل الحكومي إلى مرتبة الالتزام الفعلي ببرنامج قابل للتطبيق من جهة، وقابل للتقييم والمحاسبة من جهة أخرى.

إلا أن هذا الأمر ينبغي ألا يحجب عنا الجانب التنظيمي للحكومة، والذي ينبغي بدوره أن يكون محط مشاورة تستهدف عقلنة تنظيم القطاعات الوزارية، وتجميعها بشكل يتجاوب مع التطلعات الشعبية في حكومة منسجمة، وبقطاعات وزارية معقولة، وميزانيات سنوية تتلاءم مع البرنامج الحكومي، وحلفاء يتمتعون بالتفاني في تطبيق هذا البرنامج.

وآنذاك فقط، لن يتردد الاتحاد الاشتراكي في الانخراط في الحكومة القادمة.

 

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

بحضور الكاتب الأول الاستاذ ادريس لشكر : الجامعة السنوية للتقدم والاشتراكية تناقش «السياسة أولا.. لإنجاح المشروع الديموقراطي التنموي»

ندوة للحزب بالمحمدية على ضوء التطورات الدولية والاقليمية الأخيرة

الكاتب الأول الاستاذ ادريس لشكر في برنامج « نقطة إلى السطر» على القناة الاولى

في  الجلسة الافتتاحية المؤتمر الوطني الثاني عشر للنقابة الوطنية للتعليم العالي