انتخب مجلس النواب، مساء الاثنين الماضي، الحبيب المالكي رئيسا له؛ وذلك بعدما ترشح وحيدا خلال الجلسة العامة التي ترأسها عبد الواحد الراضي، أكبر البرلمانيين سنا، ورئيس المكتب المؤقت للمجلس.
وبعد عملية فرز الأصوات بشكل علني أمام النواب، أعلن عبد الواحد الراضي الحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب؛ حيث بلغ عدد المشاركين 342 من أصل 395 نائبا في الغرفة الأولى للبرلمان، موضحا أن «الأصوات الملغاة هي 7، وحصل على 198 صوتا التي تساوي الأغلبية المطلقة، فيما بلغت الأوراق البيضاء 137».
وفي نفس الوقت ذكّر الراضي بالمادة 17 من النظام الداخلي، التي تؤكد أنه يتم انتخاب الرئيس بالأغلبية النسبية في حالة الترشيح الوحيد لرئاسة مجلس النواب، مبرزا أن المالكي تم انتخابه رئيسا بالأغلبية المطلقة.
ومباشرة بعد ذلك دعا عبد الواحد الراضي الرئيس المؤقت لمكتب مجلس النواب الرئيس الجديد المنتخب لمجلس النواب الحبيب المالكي لإلقاء كلمة أمام النواب التي عبر فيها عن السعادة الكبيرة التي تغمره بالثقة الغالية التي حظي بها، مشددا في نفس الوقت على أن أعضاء المجلس تمكنوا بمختلف مكوناته، وكمؤسسات حزبية ممثلة في هذه المؤسسة الدستورية، من تجاوز مرحلة يمكن اعتبارها بمثابة امتحان ايجابي مثمر للممارسة الديمقراطية، وتم فتح الباب لمباشرة الأعمال والمهام الدستورية مع ما لذلك من انعكاسات إيجابية على عمل باقي المؤسسات وعلى مجمل الوضع الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وتقدم رئيس مجلس النواب المنتخب بالشكر الجزيل إلى كافة النائبات والنواب على الثقة التي وضعوها في شخصه المتواضع، كما عبر في نفس الآن عن شكره بالخصوص لكل النائبات والنواب الذين كان «لهم رأي آخر لا يسعني إلا احترامه لأنه ممارسة من صلب العملية الديمقراطية الحقيقية».
كما توجه الحبيب المالكي للأستاذ عبد الواحد الراضي، قيدوم البرلمانيين المغاربة والرئيس الأسبق للمجلس، على مدى أكثر من ولايتين، بالشكر على حسن رئاسته وتدبيره لجلسة انتخاب الرئيس، وهو ما تأتى له بيسر بفضل خبرته وتبصره.
وقال المالكي بنفس المناسبة، إن «الواجب يقتضي أن أتوجه بالشكر إلى رئيس الحكومة المعين الأستاذ عبد الإله بنكيران على ما بذله من جهد في إنجاح هذه اللحظة الانتقالية التي تجتازها مؤسستنا التشريعية».
وذكر المالكي على أن انعقاد هذه الجلسة يأتي بعد أن ترأس جلالة الملك محمد السادس افتتاح أشغال هذه الدورة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، والذي كان مناسبة أعطى فيها جلالته توجيهاته السامية في ما يخص علاقة الإدارة بالمواطنين والتحديات التي يطرحها أداء المرفق العمومي، وهو موضع يقع في صلب أوراش الإصلاح التي دشنها المغرب منذ التسعينيات، يقول المالكي.
واعتبر رئيس مجلس النواب الجديد أن هذه اللحظة التي يعيشها المغرب والتمرين الديمقراطي، ليس إلا ثمرة لهذا التفرد المغربي اللافت للانتباه في محيط مضطرب، وهو ما ينبغي أن ندركه ونقدره ونثمنه ونحميه ونحتضنه من خلال اعتبار مصلحة الوطن والمواطنين «أمانة جسيمة ولا تقبل التهاون ولا التأخير» كما أكد جلالة الملك.
وأشار المالكي إلى أن المصالحات الكبرى التي حققتها البلاد مع تاريخها وهويتها و مجالاتها المتنوعة، قد أثمرت حالة انتقال ديمقراطي مغربي مبني على الاصطلاح والتراكم والتدرج، مما يسر استقرار البلاد وكان في أساس ديناميات كبرى في مختلف المجالات الاقتصادية والحقوقية والثقافية واللغوية. وكان من نتائج ذلك كله أن المغرب تمكن من التموقع كقوة إقليمية وقارية جديرة بالتقدير والاحترام على الساحة الدولية، وقوة جذب اقتصادي، ومقصد للاستثمار، موافق للأمل والطمأنينة والاستقرار والمصداقية.
وسجل المالكي أن إمكانيات ورافعات المغرب اليوم، تكمن في قوة مؤسساته بقيادة جلالة الملك، ورصيد الثقة التي يتمتع بها، وفي خبرات وطاقات أبنائه وبناته ومهارات نخبه الاقتصادية والعلمية والفكرية والتقنية.
وذكر المالكي أن البرلمانيات والبرلمانيين مطوقون بمسؤولية الحفاظ على الرصيد الجدي من المكاسب التي حققتها البلاد ومؤتمنون ليس فقط على الحفاظ عليها، بل مطالبون بأن يواصلوا، كمؤسسة دستورية، المزيد من الأداء والمساهمة في تحقيق مزيد من الإصلاحات وإعمال مقتضيات الدستور وأداء المهام وفق ما يقتضيه دستور 2011 إن في مجال المراقبة والتشريع وتقييم السياسات العمومية أوفي مجال إعمال الديمقراطية التشاركية بما يسهم في تصحيح صورة المؤسسة التشريعية لدى الرأي العام.
وشدد المالكي أن ذلك لن يتيسر إلا بالثقة وبالعمل الجماعي، وبالتعاون بين السلط، كما يقضي بذلك الفصل الأول من الدستور، وذلك بترسيخ الإصلاحات والتحديث وتقوية الديمقراطية والتجاوب مع تطلعات مختلف فئات الشعب المغربي في العيش الكريم والدفاع عن المصالح الحيوية للبلاد، ويقتضي من مختلف المؤسسات الاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة بها طبقا للدستور، كما يتطلب اعتماد منهجية التعاون وقيمة الحوار وسيلة مثلى لتمثل المصلحة العليا للوطن وخدمتها.
وقال رئيس المجلس بهذه المناسبة إن برلمانيي الأمة مطالبون أيضا بتفعيل علاقة البرلمان بباقي المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة، على النحو الذي يجعل هذا التفاعل منتجا لثقافة الحكامة الجيدة والمسؤولية و الشفافية وتوخي الجودة في الخدمات والمرافق والتدخلات العمومية التي ينبغي أن تنعكس إيجابا وبالملموس على حياة المواطنين ومستوى معيشتهم وبما يمكن من تحسين مداخيلهم و يقوي الانسجام والتلاحم الاجتماعي.
وأكد المالكي أنه إن كانت البلاد قد تمكنت من التموقع كقوة إقليمية وقارية صاعدة بفضل الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية والمؤسسات السياسية والحقوقية والاقتصادية….فالمطلوب التحلي باليقظة والالتحام الوطني، وبالخصوص حاجتنا إلى التمسك بروح الحوار بين مختلف المكونات والعائلات السياسية والفكرية والاجتماعية لضمان المناعة المطلوبة وتقوية البنيان الوطني المرصود.
وقال المالكي في نفس السياق «قد حان الوقت لتنظيم رصيدنا من الكفاءات الوطنية والمختلفة، بتعدد تخصصاتها واختلاف مرجعيتها الفكرية والإيديولوجية والسياسية حتى نتمكن معا سويا من مخاطبة العالم من حولنا بمختلف اللغات التي يفهمها وبالمشترك الفكري والسياسي الذي نقتسمه -نحن جميعا- باختلاف أطيافنا وأفكارنا واجتهاداتنا وعلاقاتنا الدولية مع أشقائنا وأصدقائنا ورفاقنا وشركائنا في مختلف الجهات والجغرافيات والمحافل».
ونبه المالكي إلى أن الحقيقة المغربية هي تلك التي تتبناها كل المكونات المغربية جميعها، والمصالح العليا للمغرب تقتضي أن نتحرك ،كل من موقعه وبخطابه ومن منطلق مرجعيته، في اتجاه الكون كله، وهذا معناه أن نركز على الحوار كقيمة أخلاقية وكواجب وطني وكصيغة مثلى لترتيب الاختلاف وبناء حس مشترك في عملنا البرلماني والسياسي وفي حراكنا الديبلوماسي القوي المؤثر والمنشود.
والتزم الرئيس الجديد للبرلمان بمواصلة الجهد والعمل على مستوى الديبلوماسية البرلمانية المغربية بمختلف المنظمات البرلمانية متعددة الأطراف وفي الإطارات الثنائية من أجل التعريف بمعطيات وأبعاد قضيتنا الوطنية المشروعة ودحض الادعاءات المناوئة والتجنِّيات التي باتت اليوم مكشوفة للجميع.
وأكد المالكي أنه سيعمل بروح التراكم على مواصلة البناء الذي تحقق، وتطوير الأداء البرلماني في مختلف الواجهات التشريعية والرقابية والدبلوماسية وغيرها، وتحسين وسائل العمل الموضوعة رهن إشارة النواب وتعزيز قدرات ومهارات أطر وموظفي وموظفات مجلس النواب.
كما شدد في ذات السياق على أنه سيحرص على الاستفادة من كافة الطاقات والمؤهلات التي يتوفر عليها المجلس في كافة الفرق والمجموعات النيابية، وضمنها مساهمات النائبات والنواب الشباب الذين ستكون لهم ،دون شك، قيمة مضافة في مختلف مجالات العمل البرلماني.
وفي الأخير، أكد المالكي انه سيشتغل شخصيا بمعية أعضاء مكتب مجلس النواب ورؤساء الفرق واللجان وأجهزة المؤسسة، وفق منهجية الإنصات والإشراك والتشاور مع مختلف مكونات المجلس ،أغلبية ومعارضة، من أجل تطوير الأداء وترسيخ البناء المؤسساتي.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني

في البيان العام للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية