عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
قال إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية : «إن حزبنا اختار طريق الجماهير من أجل الكرامة والعدالة والمساواة، وبلور كل ذلك في كل القطاعات والواجهات، السياسية، النقابية، الجمعوية، في التظاهرات والاحتجاجات، ليس في المدن، فحس بل أيضا في البوادي، لذلك تميز بكونه حزبا يجمع في عضويته الطبقة العاملة والفلاحين والتجار والأساتذة والمحامين والمهندسين والطلبة وعددا آخر من الفئات الشعبية» وأضاف الكاتب الأول في أشغال اللقاء الجهوي مع مسؤولي ومسؤولات الحزب بجهة_طنجة_تطوان_الحسيمة، لمناقشة الأوضاع التي يشهدها إقليم الحسيمة، بحضور عضوات وأعضاء المكتب السياسي للحزب، والأخ لحبيب المالكي رئيس مجلس النواب والإخوة وزراء الحزب بالحكومة وأعضاء وعضوات الفريق الاشتراكي بالبرلمان أول أمس الأحد 4 يونيو 2017 بمدينة طنجة: «لا يوجد أي حزب مماثل جمع كل هذه الفئات وتصدر كل النضالات منذ ستينيات القرن الماضي، وأدى الثمن غاليا، حيث أصبح شهداؤه رمزا للنضال على المستوى العالمي، وقد أثبتت تحريات هيئة الإنصاف والمصالحة أن أغلب ضحايا سنوات الرصاص، هم اتحاديون»
وأردف لشكر في كلمته بخصوص الإضرابات العامة والاحتجاجات الجماهيرية الكبرى «كنا في قلبها، وقد اعتقل فيها قادتنا وأطرنا، وكانت شعاراتنا واضحة، نريد الديمقراطية، عبر إصلاحات دستورية، وتوزيعا عادلا للثروة، وكرامة المواطنين، وعدالة اجتماعية وإنصافا للمرأة واحتراما لحقوق الإنسان».
كما أكد لشكر على أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية واصل نضالاته، من أي موقع كان فيه، سواء في الحكومة أو المعارضة، مطالبا بإصلاح دستوري وإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.
واسترسل لشكر قائلا: «كان هو جوهر خلافنا مع الحكومة السابقة، حيث اعتبرنا أن تفعيل مضامين الإصلاح الدستوري، يتطلب القيام بهذه الإصلاحات الضرورية، فما معنى الإصلاح الدستوري إذا لم يرافقه إصلاح سياسي؟ في علاقات السلط في ما بينها وعلاقة الدولة بالمجتمع، ووضع آليات حقيقية لمحاربة الفساد، وفتح المجال أمام المبادرات الخلاقة النابعة من المجتمع».
وتأسف الكاتب الأول على الهدر الزمني للحكومة السابقة حيث قال في هذا الصدد : « خمس سنوات من هدر زمن الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ونقدم مثالا هاما من مقترحاتنا بالنسبة لإصلاح نمط الاقتراع، حيث قدمنا تصورا، لكننا ظللنا لوحدنا، ووحدنا انتقدنا ما حصل في الانتخابات الجماعية».
وتساءل لشكر «أين كل الذين ينتقدون اليوم الوضع السياسي، سواء على يسارنا، واليوم حتى على يميننا، لقد تركونا وحدنا نصارع، بينما التزموا الصمت، أي التواطؤ.
وما حصل في الانتخابات التشريعية، لم يكن سوى المحصلة الطبيعية لما حصل من قبل، بسبب تراكم عدة عوامل، سياسية، انتخابية، اقتصادية، اجتماعية، حقوقية، وهي نتاج أوضاع بنيوية، وسياقات ظرفية، من الضروري معالجتها، بمنطق التدرج، لكن لابد من الشروع الآني في هذا الأمر».
وتطرق الكاتب الأول إلى ما يعرف بالحراك في مدينة الحسيمة حيث قال : «دامت الاحتجاجات حوالي ستة أشهر، وقد ساندنا هذه الحركة، نظرا لطرحها مطالب اقتصادية واجتماعية، خاصة بعد وفاة الفقيد محسن فكري، سواء من خلال البلاغات التي أصدرتها الكتابة الإقليمية في الحسيمة أو من خلال إعلامنا، بالإضافة إلى مساندتنا لها في مؤتمرنا العاشر، في الجلسة العامة، والبيان العام» وأضاف: «لاحظنا كما لاحظ الجميع، أن هناك من يريد الانحراف بهذه الحركة عن مسارها الاجتماعي، ليعطيها طابعا سياسيا خاصا به، ودامت هذه الحركة ستة أشهر، دون أن يحدث أي تدخل عنيف من طرف السلطات الأمنية ولم تحصل اعتقالات، مما يمكن أن نفسره بأنه لم تبد من طرف السلطات أية رغبة في التدخل الأمني ضد المحتجين إلى أن حصل ما حصل».
وحول الوضع الآن قال الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية : «هناك ملفات أمام القضاء، نحن لا يمكننا إلا أن ننتظر نهاية المسطرة القانونية والإطلاع على الملفات والتهم، وفي نفس الوقت نحرص، كما أكدنا في بلاغ الأغلبية، على المطالبة باحترام كل الضمانات القانونية».
وشدد الكاتب الأول على أنه «إذا كانت لدينا كحزب على المستوى الوطني أو الإقليمي، أية ملاحظات حول انتهاكات لهذه المساطر ولحقوق الإنسان، فعلينا أن نقدمها بالحجج والدلائل، ونحدد الحالات والوقائع وطبيعة الخروقات، حتى نشتغل على ملفات ملموسة، أما الحديث العام عن المختطفين أو معتقلين سياسيين أو المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، كلهم بدون قيد أو شرط، وبدون تمييز الحالات، وفي شعارات عامة، فلا أساس له على أي مستوى، إذ ليس له سند حقوقي أو قانوني».
وتساءل الكاتب الأول حول ما يقع : «الآن، من حقنا أن نتساءل، من يقود هذه الحركة؟ هل نحن منساقون وراءها؟ ما هي أهداف كل طرف، من المتدخلين فيها، هل تتوافق وأهدافنا، ألا يوجد من يريد الركوب على هذه الاحتجاجات في إطار الابتزازات والمزايدات؟ لقد لاحظنا أن هناك أشخاصا معروفين بولائهم لأجهزة معروفة في سنوات الرصاص حتى هم أصبحوا ثوريين، يستعملون نفس الخطاب الجذري، وكأنهم جاؤوا لتوهم من الجبال التي كان يتمترس خلفها شي غيفار!!
وليسوا مثل هؤلاء وحدهم، بل آخرين، نعرف ارتباطاتهم، وما ارتكبوه في حق الديمقراطية وفي حق الشعب، لكنهم بدورهم تقمصوا رداء الثورية.
وأولئك الذين سيروا الشأن العام، لمدة خمس سنوات، ويتحملون قسطا من المسؤولية، في الواقع الاقتصادي والاجتماعي، الذي وصلت إليه البلاد، هم بدورهم، يتزايدون.
ناهيك عن الذين يتصيدون أية فرصة، للركوب عليها، لتسخين الشارع، حيث يتحالف تطرف اليسار واليمين، ضاربين عرض الحائط، بتناقضاتهم الإيديولوجية والسياسية، لأن لهم هدفا واحدا، هو ضرب الاستقرار.
لقد تحول الأمر إلى محاولات توسيع هذه الاحتجاجات إلى مدن أخرى، مع إضفاء طابع التمرد، على حركة الحسيمة.
ومن حقنا أن نتساءل عن أفق هذه الاحتجاجات، ومآلها، وما ينبغي أن تصل إليه، وماذا يمكن تحقيقه، وفي أي مدى، فمن المنطق أن لكل حركة آفاقا وأهدافا، وخارطة طريق، منطقية ومعقولة وقابلة للتنفيذ.
نعم، لقد سجلنا أن هناك مطالب مشروعة، لابد من تلبيتها، هناك تهميش وفقر ومشاكل مزمنة من بطالة ونقص مهول في التعليم والصحة والسكن والتغطية الاجتماعية وضعف في الخدمات العمومية، من نقل ومرافق، ومشاكل الصيد البحري… وغيرها من مظاهر الخصاص الفاضح، وهذا يتطلب وضع برنامج مستعجل لمعالجة هذه المشاكل، من طرف الحكومة، ومناقشة الوضع والبرامج في البرلمان وفي الجماعات المنتخبة، لتكاثف الجهود، وتحديد آجال التنفيذ، والانكباب على مثل هذه القضايا في كل المناطق التي تعاني من الفقر والتهميش…
وختم الكاتب الأول : «أين نحن من كل هذا؟ نحن حزب سياسي نتعامل مع أطراف سياسية واضحة، لدينا برامجنا على كل الأصعدة المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية، وانطلاقا منها نحدد أهدافنا وتحالفاتنا، ولا يمكن لهذه الأهداف والتحالفات والتنسيقات، أن تناقض بعضها البعض، لكي نكون منسجمين مع قراراتنا وقناعاتنا.
وقد اتخذت هذه الاحتجاجات، اليوم، طابعا وطنيا، ليس اقتصاديا أو اجتماعيا، فحسب، بل سياسيا وقانونيا، لذلك لا يمكن متابعتها ومعالجتها، بارتباك وتنافر في المواقف والقرارات، وعلى هذا الأساس، نقترح تشكيل لجنة تتشكل من القيادة الوطنية، والكتابة الجهوية، والكتابة الإقليمية بالحسيمة.
وكل القرارات والمواقف التي تهم هذه الحركة، بمختلف ملابساتها وحيثياتها وتفاصيلها وتطوراتها، تصدر عن هذه اللجنة، في إطار قوانين الحزب، ومقررات مؤتمره العاشر، وقرارات هيئاته الوطنية».
وافتتح هذا اللقاء الأخ محمد المومحي، الكاتب الجهوي للحزب الذي رحب بالكاتب الأول والوفد المرافق له، مهنئا الأخ إدريس لشكر على انتخابه في ولاية ثانية لقيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهنأ من خلاله كافة الاتحاديين والاتحاديات بنجاح المؤتمر العاشر للحزب، كما رحب بكافة أعضاء الحزب من كتاب وأعضاء الأقاليم وكتاب الفروع والمنتخبين وأعضاء المجلس الوطني عن الجهة، مؤكدا أن الاجتماع الجهوي جاء بمبادرة من الكاتب الأول لمناقشة الأوضاع المجتمعية التي تعرفها بلادنا بصفة عامة والوضع في الحسيمة بصفة خاصة، ومشيرا إلى أن اللقاء الجهوي المنعقد بطنجة مقر الكتابة الجهوية هو منطلق لعقد لقاءات أخرى في إقليم الحسيمة وفي كافة الأقاليم بالجهة، وأن موضوع النقاش الخاص بحراك الحسيمة ليس وليد اليوم بل هو وليد الحادث الذي ذهب ضحيته «محسن فكري «والذي حرك ضمائر كثيرة تفجرت بعدها احتجاجات جماهيرية بالحسيمة تنتقد مسلسل التهميش والهشاشة والعزلة التي يعرفها الإقليم، وهي الاحتجاجات التي تحولت إلى ملفات مطلبية حقوقية واجتماعية واقتصادية والتي ناضل من أجلها الاتحاديات والاتحاديون لتحقيقها، لأنها تقع في صلب الإصلاح الذي ناضل الاتحاد من أجله منذ عقود من الزمن، موضحا أن الاحتجاجات الأخيرة عرفت اعتقالات في صفوف المحتجين من نشطاء الحراك، مشيرا أن بلادنا لا تحتمل مثل هذه المقاربات الأمنية لأنها مقاربات لن تؤدي إلا إلى نفق غير محسوب العواقب، وأن الاتحاد اليوم أمام مسؤولية تاريخية بأن يلعب دورا من أجل الوطن منسجما مع أدواره التاريخية التي شهدت دفاعا عن الوحدة الترابية والعمل المؤسساتي وتطوير المشروع الديمقراطي، وعلى الاتحاد أن يبادر إلى بلورة موقف يعزز الوحدة الوطنية ويفتح آفاقا للحوار من أجل احترام حقوق الإنسان بالمنطقة وصياغة برنامج قادر على إزالة كل أشكال التوتر.
وأكد الكاتب الجهوي أن هذا اللقاء له أهمية كبرى لدى كافة المتتبعين للشأن الحزبي في بلادنا، وأن هناك أفقا لانتظارهم لمبادرة الاتحاد الاشتراكي، لأن الكل يعلم أن الاتحاد حزب نابع من نبض المجتمع، يعبر عن آمال وآلام الجماهير الشعبية كما يعبر عن تطلعاتها وطموحاتها.
وبدوره وضع الكاتب الإقليمي للحسيمة الأخ حكيم الخطابي المجلس الجهوي للحزب أمام كافة التطورات التي يعرفها الإقليم، مؤكدا أن الواقع شيء وما تتداوله مواقع التواصل شيء آخر، معلنا أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالإقليم منخرط في كافة المطالب المشروعة لساكنة الحسيمة، وأن أبناء الحسيمة ومنهم الاتحاديون والاتحاديات عاقدون العزم على مواصلة النضال في كافة الواجهات المجتمعية من أجل تحقيق المطالب العادلة، مطالبا بإطلاق سراح المعتقلين والتوجه إلى طاولة الحوار والإنصات إلى نبض الشارع الذي يرفض الظلم و»الحكرة» ، ومواجهة الفساد الذي استشرى في المنطقة في غياب المحاسبة.
وقد عرفت أشغال هذا اللقاء نقاشا حول مختلف التطورات التي شهدها حراك الريف وتسلسل أحداثه التي اتخذت أبعادا متفاوتة لدى الرأي العام الوطني والدولي، وعبر الاتحاديون في الجهة والإقليم عن قلقهم تجاه بعض المقاربات التي ربطت الحراك في الريف بالانفصال، رافضين أي نعت منزاح عن الأهداف الحقيقية من الحركات الاحتجاجية ذات المطالب المشروعة في الكرامة والعدالة الاجتماعية لرفع الظلم و»الحكرة» عن منطقة يحمل أبناؤها في أذهانهم تاريخ نعوت لا تزال تتردد على مسامعهم كلما فكروا بالحق في المطالبة بالعيش الكريم .
وأكد مناضلو الاتحاد بالجهة والإقليم تشبثهم بالدفاع عن حقوق ساكنة الحسيمة في الاحتجاج السلمي وفي التصدي لكل الخطابات التي تسعى لتخوينهم، مؤكدين أن أهل الريف متشبثون بوحدة وطنهم وبمقدسات بلادهم، وأن أي شخصنة للحراك لا تدخل في دائرة قضايا الريف الجوهرية التي هي جزء من قضايا مجتمعية تحتاج إلى إرادة تنمية شاملة بكافة جهات المملكة.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني

في البيان العام للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية