عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
في اللقاء الدراسي حول : «مراقبة المالية العامة من طرف البرلمانات
أكد رئيس مجلس النواب أن مراقبة المالية العامة من طرف البرلمانات يقع في صميم النقاش العمومي لما لهذا الموضوع من دور في تحديد المسؤوليات وفي تقييم وتقدير تدخلات الدولة وما ينبغي أن يستتبع ذلك من سياسات وإجراءات لتجويد التدبير والتدخل العمومي
وأضاف المالكي في اللقاء الدراسي حول : «مراقبة المالية العامة من طرف البرلمانات: الممارسات المغربية والفرنسية والبريطانية « يظل الهدف الأساس هو جعل الدولة تضع سياسات و تقدم خدمات وتبني تجهيزات عمومية تفيد المواطن وتتميز بالجودة الضرورية، طبقا لما هو منصوص عليه في الباب الثالث من الدستور وبالتحديد الفصل 31 منه «. مضيفا « إذا نظرنا إلى الأزمات الاجتماعية التي يشهدها اليوم العديد من البلدان الغنية والفقيرة والصاعدة منها، على السواء، فإننا نلاحظ أنها ناجمة، في جزء منها، عن ضعف الثقة والناجم بدوره عن ضعف آثار وإنتاجية التدخلات العمومية في الوقت الذي تَرْصُد فيه السلطات العمومية إمكانيات مالية هامة من أجل التجهيز العمومي والخدمات الاجتماعية مما يدفع الحكومات والمشرعين وأصحاب القرار إلى البحث عن نموذج اجتماعي جديد بإمكانه استيعاب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والقَيْمِية «.
وإذا كان هذا التناقض يوجد اليوم في أصل معضلات اجتماعية وسوء فهم بين الدولة والمجتمع ، فإن الحلقة التي غالبا ما يتم تغييبها في هذا المسلسل تتمثل في سوء التدبير أحيانا، وفي طريقة التنفيذ، وأحيانا في ضعف الجودة جراء سوء المراقبة أو غيابها ما يضع الدول، كمؤسسات ساهرة على الحقوق والواجبات، موضوعَ اتهام بالتقصير.
أما المفارقة الثانية التي يمكن استنتاجها ، فتتمثل في عدم قدرة عدد من أدوات التنفيذ العمومي، بما في ذلك المصالح المركزية والمجالية للدولة والمؤسسات العمومية،على تنفيذ الميزانيات. وتعتبر هذه المفارقات، وهذا النقص، إحدى الحلقات المفقودة في معادلة الكلفة الكبرى للإنفاق العمومي من جهة، وضعف الآثار الإنمائية الاجتماعية والمجالية للتدخلات العمومية من جهة أخرى.
وسجل الحبيب المالكي عن الأجهزة العليا للرقابة حيث قال : « إذا كانت الأجهزة العليا للرقابة والتدقيق في حسابات مرافق الدولة والمؤسسات العمومية تضطلع بمهام مراقبة تدبير واستخدام الأموال العمومية، فإن البرلمانات، التي تمثل السيادة الشعبية، تظل في صلب المؤسسات التي لها السلطة الدستورية الأوسع لمراقبة العمل الحكومي وعلى رأسه مراقبة المالية العامة وتنفيذ قوانين المالية والمصادقة على قوانين التصفية إلى جانب مهام تقييم السياسات العمومية وأعمال التقصي والاستطلاع «.
وأضاف : « لقد نص دستور2011 على توسيع مجال القانون وكرس البرلمان كسلطة وحيدة للتشريع وربط المسؤولية بالمحاسبة . وكان من الطبيعي في هذا السياق الإصلاحي أن يحدث مجلس النواب أجهزة وآليات جديدة للرقابة والتقييم حيث تم إحداث لجنة مراقبة المالية العامة في نهاية أكتوبر2013». و اقترن ذلك بتوسيع اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات والمحاكم المالية و كذلك بالمصادقة على قانون تنظيمي جديد لقوانين المالية بكل حمولاته الإصلاحية: اعتماد منطق النتائج عوض وتيرة وكمية الإنفاق، بناء ميزانية الدولة على البرامج ونجاعة الأداء، وربط رصد الاعتمادات بمؤشرات تُمَكِّنُ من تقييم هذه النجاعة. ويتوخى ذلك، من بين ما يتوخاه، التأسيس لثقافة جديدة ترتكز على التتبع والتقييم من أجل التقويم ودرء أي اختلال قد يلحق التدبير، كما أنه لن يكون أفيد ما لم يتم وضع الرأي العام في صورة نتائج مراقبة المالية العامة، ذلكم أن التواصل مع الرأي العام وتيسير تدفق المعلومة يعتبران من أدوات التعبئة وجعل المواطنات والمواطنين ينخرطون في المراقبة من خلال مؤسساتهم التمثيلية ومن خلال ما يوفره الدستور من آليات في مجال الديمقراطية التشاركية. وما من شك في أن عمل المجلس، في هذا الباب، يحتاج إلى دعم أجهزة الرقابة المالية، وفي مقدمتها المجلس الأعلى للحسابات الذي نثني على تعاونه مع البرلمان ، وهو تعاون سنعمل على تعميقه وتجويده والحرص على تبادل المعلومات والوثائق والتقارير معه ومع باقي المؤسسات، طبقا لمقتضيات الدستور، بما يمكن المؤسسة التشريعية من معلومات وإحصائيات أدق أكثر .
وختم رئيس مجلس النواب : « إنني على يقين من أن العروض التي ستقدم في هذا اللقاء والتي ستتناول مراقبة المالية العامة من طرف البرلمانات وأجهزة الرقابة العليا في ثلاثة أنظمة ديمقراطيات مختلفة (المغرب وفرنسا وبريطانيا)، ستمكننا من تشكيل رؤية مقارنة عن الممارسات المتعلقة بهذه المهمة التي تتجاوز الجوانب المالية والمحاسباتية إلى أثر التدخل المالي العمومي على المواطن، وإعمال الشفافية بشأنه. إن رسالتنا مجتمعية تتوخى جعل المواطن متمكنا، مسؤولا، قادرا على المحاسبة، وعملنا يؤسس لمواطنة حديثة، تسمو على الحسابات السياسية وتستشرف المستقبل بتشخيص مظاهر النقص وضعف الحكامة أو مظاهر القوة وأوجه النجاح في توجيه الإنفاق العمومي.
وفي هذا الإطار ودعما لأعمال المجلس وتقوية قدراته، أخبركم بأننا سننكب قريبا على وضع إطار للخبرة في شكل مؤسسة أو مركز للدراسات والأبحاث البرلمانية، إطار يضم خبرات متنوعة وكفاءات متعددة ستساعد المجلس على القيام بمهامه «.
تعليقات الزوار ( 0 )