من أوجه التناقض الكبير أن تصرف أموال طائلة من أجل محاربة الأمية وفي نفس الوقت تدافع الحكومة وأغلبيتها عن تنصيب رئيس أمي لقيادة التنمية المحلية
في الجلسة العامة الخاصة بمناقشة مشاريع القوانين المتعلقة بالاستحقاقات، تناول الكلمة باسم الفريق الاشتراكي النائب عبد الخالق القروطي لمناقشة مشروع القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات ، مستحضرا ما يشكله الموضوع من اهتمام كبير لدى الفاعلين السياسيين لما يكتسبه من صبغة خاصة باعتباره مدخلا متميزا لإعادة النظر في موضوعات الإصلاح الهيكلي للدولة ، وإعادة ترتيب الأولويات ومجالات تدخل السياسات العمومية . ونبه القروطي في مستهل تدخله إلى تقاعس الحكومة أمام مسؤوليها ضد إنجاح الجهوية، بدءا بإصدار ميثاق اللاتركيز باعتباره العمود الفقري في معركة التدبير الجماعي ، مرورا بتغييب الحكومة للمقاربات التشاركية التي اعتمدتها الحكومات السابقة وخاصة حكومة التناوب التوافقي التي ألح قائد تجربتها الاخ عبد الرحمن اليوسفي على ضرورة إرسال النصوص القانونية للبرلمان بعد التوافق بشأنها بين الأحزاب السياسية ، وهي نفسها روح المقاربة التي تضمنها دستور 2011 . وأكد القروطي على غياب كل المقاربات التشاركية، حيث ظلت المشاورات اليتيمة التي أجرتها صورية عملت فيها على إقصاء ملحوظ لمعارضيها، وخاصة في ما يتعلق بمطالبة المعارضة بضرورة إرساء هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات ، وفي ما يتعلق أيضا بملاحظاتها على مسودة مشروع القانون التنظيمي للجماعات، سواء على مستوى عدم سلامة المنهجية أو على مستوى عدم تطابق مقتضياته مع مبادئه وأهدافه خصوصا في ما يتعلق بالتنزيل السليم للباب التاسع من الدستور، وهي الملاحظات التي ينطلق فيها الفريق الاشتراكي من عدم سلامة المنهجية مما يؤكد أن الحكومة نهجت سياسة الجمود وعدم الأخذ بالرأي الآخر حتى في بعض الملاحظات المنهجية الشكلية التي لها وقع أساسي في التصريف الفعلي لمشروع القانون التنظيمي للجماعات على الأقل بالمضمون الذي تمسكت به الحكومة، وهي الملاحظات المتمثلة في هدر الزمن سياسي حيث يتضح بشكل جلي أن منهجية الاشتغال الحكومي لا تترجم الأهمية الدستورية التي يحظى بها موضوع الجماعات الترابية.
فعوض أن تبادر الحكومة إلى الاشتغال على هذا الموضوع منذ توليها تدبير الشأن العام، فإنها تركت ذلك إلى غاية اقتراب موعد الاستحقاقات الذي لا تفصلنا عنه إلا أيام قليلة ، مما أدى إلى محاصرة النقاش حول موعد الانتخابات بتغييب المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها المجالس المحلية. وفي ما يتعلق بالشكل القانوني غير الدستوري، قال القروطي إن الحكومة وللأسف لم تحترم الدستور حتى في الشكل الذي وضعت فيه مشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، فبالرجوع إلى الفصل 146 يتضح أنه نص على تخصيص قانون تنظيمي واحد يتضمن كافة المقتضيات القانونية المنظمة للجماعات الترابية التي حددها الدستور في الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات. ولعل تنصيص هذا الفصل على قانون تنظيمي واحد وليس ثلاثة، لم يكن اعتباطيا بل المتوخى هو تحقيق انسجام بين مختلف المقتضيات المنظمة للجماعات الترابية الثلاثة.
وأشار القروطي باسم الفريق الاشتراكي إلى غياب الديباجة والتقديم لمشروع القانون، مما يؤكد منهجية اشتغال الحكومة التي جاءت مشوبة بعدة عيوب شكلية عند أعدادها لهذا المشروع ، وجهلها لقواعد التقنين المتعارف عليها على الأقل ، كذلك عدم مراعاتها لهذه القواعد التي دأب عليها العمل التشريعي في كافة التجارب المقارنة .
وبالرجوع الى واقع الجماعات المحلية من حيث التقطيع ، أكد النائب عبد الخالق القروطي على أن بعض الجماعات القروية دأبت على التقطيع الجغرافي مما أدى الى حرمان مجموعة من الفئات من الخدمات الاجتماعية، ناهيك عن إعاقته لكل البرامج التي تهدف إلى إدماج هذه الفئات .أما بالنسبة للمدن الكبرى فعدد السكان الكبير، المتواجدين بالمقاطعات، لا يمكن المنتخبين من ممارسة سياسة القرب .
وثمن عضو الفريق الاشتراكي عاليا موقف الأميين الذين تعرض عليهم مهام التسيير ويرفضونها، كما تأسف لمجموعة من الأميين المهووسين بالسلطة والذين يلهثون وراء المناصب غير واعين بخطورة الأمر، مشيرا إلى تقديم فرق المعارضة لمقترح تعديل يشترط شهادة الباكالوريا كحد أدنى لرئاسة الجماعات المحلية، حيث قوبل ذلك بالرفض بمبرر عدم دستوريته، وهنا تساءل عضو الفريق الاشتراكي :كيف لدولة تقول بأنها تصرف أموال طائلة من أجل محاربة الأمية و في نفس الوقت تنصب رئيسا أميا لقيادة التنمية المحلية، فهذا هو التناقض بعينه مع الدستور؟
وفي مجال محاربة الترحال وسلطة المال، قال القروطي «كنا نأمل أن تأتي الحكومة بقانون تنظيمي يحد من هذه المظاهر المضرة بالمنتخبين وبالحياة السياسية بصفة عامة، حيث كان مطلبنا تعميم اللوائح بجميع الجماعات مما يسهل على المغاربة ممارسة حقهم في اختيار رئيسهم» . وأضاف عبد الخالق القروطي أن القانون الحالي يعطي الحق للمغاربة في اختيار الأعضاء وهؤلاء يقومون باختيار رئيس منهم، حيث نصبح الآن أمام رئيس للأعضاء وليس للسكان وبالتالي يصبح هذا الأخير خاضعا لنزوات الأعضاء وليس لتطلعات السكان .
بديعة الراضي
تعليقات الزوار ( 0 )